وقوله صلى الله عليه وسلم: " ليّ الواجد يحل عقوبته وعرضه " (١) .
والليُّ معناها: المطل، والواجد بمعنى الغني.
ولكن الطريقة الأولى (وهي إدراج اسم المماطل في قائمة سوداء) إنما تؤثر إذا كانت المصارف كلها تتبع طريقة واحدة، والطريقة الثانية (وهي التعزير والعقوبة) تحتاج إلى محاكم سريعة تحكم بصفة عاجلة.
وحيث إن كلا الأمرين مفقود في كافة البلاد الإسلامية، فإن هذا الحل الأساسي لمشكلة المماطلة ليس بيد المصارف الإسلامية اليوم.
ومن أجل هذا، قد اقترح بعض العلماء المعاصرين أن يلزم مثل هذا المماطل بأدائه إلى الدائن عوضًا ماليًا عن الضرر الفعلي الذي لحقه بسبب مماطلته. وقدرت بعض المصارف الإسلامية هذا الضرر الفعلي على أساس نسبة الربح التي أدتها تلك المصارف فعلًا خلال مدة المماطلة إلى مودعيها في حساب الاستثمار. فإن لم يكن في حساب الاستثمار في تلك المدة ربح، لم يطالب المدين بأي تعويض، فإن كان هناك ربح فإنه يطالب بنسبة ذلك الربح الفعلي الذي حصل في تلك المدة.
وقد فرق هؤلاء العلماء بين التعويض وبين الفائدة الربوية بالفوارق التالية:
١- إن الفائدة الربوية تلزم المدين في كل حال، سواء كان معسرًا أو موسرًا. أما التعويض فلا يلزمه إلا إذا ثبت كونه موسرًا مماطلًا. ولئن ثبت كونه معسرًا، فلا يلزم بأداء أي تعويض.
٢- إن الفائدة الربوية تلزم المدين فور تأخيره في الأداء، حتى لو كان التأخير لمدة يوم واحد. أما التعويض: فلا يلزمه إلا إذا ثبت كونه مماطلًا، والمعمول به في بعض المصارف الإسلامية أن المصرف يرسل إلى المدين أربع إخطارات أسبوعية، بعد حلول الأجل قبل أن يكلفه بأداء التعويض، فلا يلزمه التعويض إلا بعد انتظار شهر من حلول الأجل.
٣- إن الفائدة الربوية تلزم المدين في كل حال، وإن التعويض المقترح لا يجب على المدين إلا إذا تحققت في مدة مماطلته أرباح في حساب الاستثمار عند المصرف، فإن لم تتحقق هناك أرباح، فإن المدين لا يطالب بأي تعويض.
٤- إن الفائدة الربوية نسبتها معلومة للجانبين منذ أول يوم من الدخول في اتفاقية الدين. أما التعويض، فلا يمكن معرفة نسبته عند الدخول في اتفاقية المرابحة أو الإجارة، وإنما تتعين هذه النسبة على أساس نسبة الأرباح الفعلية التي سوف تتحقق خلال مدة المماطلة.
(١) ذكره البخاري في الاستقراض تعليقًا، وأخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وإسحاق في مسنديهما عن عمرو بن شريد رضي الله عنه، وإسناده حسن كما صرح به الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ٥/٦٢.