١-٧- الآثار الواردة في التشديد في الدين وتعظيم أمره:
وردت أحاديث وآثار فيمن يموت وعليه دين، لا يدخل الجنة حتى يوفى عنه دينه. فهذا التخويف من أمر الدين انتهاء أدى إلى التخويف منه ابتداء. فإني أخاف من عقد الدين خوفي من عدم وفائه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((والذي نفسي بيده، لو أن رجلًا قُتل ثم أحيي، ثم قتل ثم أحيي، ثم قتل وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه)) [سنن النسائي: ٧/٣١٥] .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الصلاة:((اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) ، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم! قال: ((إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف)) [صحيح البخاري: ٣/١٥٤] .
وكان يدعو:((اللهم ( ... ) اقض عنا الدين)) [صحيح مسلم: ٥/٥٦٤] ، ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن وضلع (= ثقل) الدين، وغلبة الرجال)) [صحيح البخاري: ٨/٩٧ و ٩٨] .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع عن الصلاة على ميت مات وعليه دين، ما لم يوفَّ عنه، حتى فتح الله على رسوله الفتوح، فقال:((من ترك دينًا فعليَّ، ومن ترك مالًا فلورثته)) [سنن النسائي: ٤/٦٦، وانظر: صحيح البخاري: ٣/١٥٥] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((يغفر للشهيد كل ذنب إلَّا الدين)) [صحيح مسلم ٤/٥٤٩] .
وهذا لا يعني أن الدين ممنوع، بل يعني أن على المسلم ألا يستدين إلا عندما يكون محتاجًا إلى الدين، راغبًا في الوفاء، مهتمًّا به، ناويًا له، متوقعًا قدرته عليه في الأجل. كما يعني أن على الجماعة المسلمة (الأفراد والدولة) مساعدة المدين المعسر على وفاء دينه، قبل وفاته، وبعدها.