للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- إذا ماطل المدين في سداد ما عليه من دين، وكان موسرًا، طالبه الدائن بالرفق أولًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلًا سمحًا إذا ... اقتضى)) [صحيح البخاري: ٣/٧٥] .

فإذا لم ينفع الرفق، أغلظ عليه بالقول، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ يتقاضاه، فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه، فقال: ((دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا)) [صحيح البخاري، باب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس: ٣/١٥٥] .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لَيُّ الواجد يحل عقوبته وعرضه. قال سفيان: عرضه، يقول: مطلتني، وعقوبته: الحبس)) [صحيح البخاري: ٣/١٥٥] .

فإذا كان المدين مجهول الحال، لم يعلم يسره ولا عسره، وشك في أن له مالًا باطنًا مكتومًا، حبسه القاضي حتى يعلم حاله يسرًا أو عسرًا، فإن ظهر عسره أخرجه من الحبس، وإن ظهر يسره أبقاه فيه، لأنه صار معلوم اليسار. فإذا لم يُجْدِ الحبس، وكان له مال ظاهر، باعه القاضي عليه بما يكفي لوفاء دينه [الإفلاس في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد الغفار إبراهيم صالح: ص٦٣ و ١١٧ و ٢٠٣؛ والديون المالية في الفقه الإسلامي، للدكتور سليمان العيسى ص٤٧٧] .

٨ – إذا ثبت عجز المدين عن السداد، أي كان معسرًا أو مفلسًا، زادت ديونه على أمواله، فلا مال له يفي به دينه (الحال) ، فلا يجوز الربا عليه، ولا استرقاقه أو بيعه في دينه. كما لا يجوز ملازمته، ولا سجنه، ولا الاعتداء عليه، أو على أحد من أقاربه. وعند الجمهور، لا يجبر على العمل، إذا كان قادرًا عليه، لاكتساب ما يفي بدينه.

٩- وقد يعطى المدين المعسر من الزكاة (مصرف الغارمين) لسداد ديونه. فإذا قصرت أموال الزكاة عن هذا، ندب الناس والدائنون إلى التصدق على المدين. قال تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨٠] .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تصدقوا عليه "، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه (= لدائنيه) : ((خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلَّا ذلك)) [صحيح مسلم: ٤/٦٤] .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله)) [صحيح مسلم: ٥/٨٥٣] .

وقال لكعب بن مالك: ((ضع الشطر من دينك)) [صحيح مسلم: ٤/٦٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>