وأما الحنفية، فإنهم وإن ذهبوا إلى حلول الدين بموت المدين على قول جمهور الفقهاء المتبوعين، ولكن المتأخرين منهم لم يفتهم النظر إلى أن في المرابحة المؤجلة تكون حصة من الثمن مقابلة للأجل، كما أسلفنا، فلو ألزمنا على تركة المشتري أن يؤخذ منها الثمن كاملًا في الحال قبل حلول الأجل، لصارت الحصة المقابلة للمدة الباقية بدون عوض، وفيه ضرر للمشتري الذي لم يرض بهذا القدر من الثمن إلَّا إذا كان مؤجلًا بأجل متفق عليه. وذلك أفتوا بأن المشتري لا يؤدي من ثمن المرابحة في هذه الصورة إلَّا بقدر ما مضى من الأيام.
والحاصل عندي في هذه المسألة أن جمهور الفقهاء المتبوعين، وإن ذهبوا إلى حلول الدين بموت المدين، ولكن في عمليات البيع بالتقسيط والمرابحة المؤجلة التي يكون حصة من الثمن فيها مقابلة للأجل، لو أخذنا بمبدأ حلول الدين بكامله، لتضرر به ورثة المدين، فينبغي فيها الأخذ بأحد القولين: إما بقول المتأخرين من الحنفية بسقوط تلك الحصة من الدين التي تقابل المدة الباقية من الأجل المتفق عليه، فلا يؤخذ من التركة إلا بقدر ما مضى من الأيام، أو يؤخذ بقول الحنابلة من بقاء الدين مؤجلًا كما كان، بشرط أن يوثقه ورثة المدين بوثيقة معتمدة، ولعل الصورة الأخيرة أولى للبعد عن تذبذب الثمن بآجال مختلفة، الذي فيه مشابهة صورية للمعاملات الربوية.
وأما الأستاذ الدكتور رفيق المصري فإنه رجح إلى أنه يحل الدين بموت المدين.
فهذه خلاصة ما عرض في هذه الأبحاث التي قدمت في هذه الدورة في موضوع البيع بالتقسيط. وأكتفى بهذا القدر وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.