تصحيح خصم الكمبيالة بالصورة التي ذكرها الأستاذ العثماني، هي إحدى الصورتين اللتين ذكرتا في الموسوعة وعليهما ملاحظات كثيرة للباحثين، وفيهما نوع كثير من التكلف، ولذلك لا نرجح هذا الاتجاه وهذا الجانب.
الجانب الآخر، إن واقع البنوك الربوية، هل يمكن تكييف هذا الواقع الربوي على قضية التوكيل، وهذا التكلف الكبير الذي ذكره الأستاذ الجليل تقي الدين العثماني. الواقع الذي يسير عليه البنوك الربوية أن البنوك الربوية تأخذ العمولة أولًا ثم بعد ذلك تأخذ النسبة المقدرة على المبلغ كاملة، ثم ترجع الباقي للشخص، فالقضية واضحة جدًّا بأنها قضية فائدة ربوية واضحة لا غبار عليها. أما إذا أردنا التكيف أو التكلف لهذه المسألة، فهذه مسألة ربما تكون شيئًا عمليًّا ونحن نعرض شيئًا نظريًّا ونحن هنا في مجمع الفقه نعالج أو نبحث عن الأمور والحلول الواقعية وليس في قضايا يمكن أن تكون خيالية أكثر من أن تكون واقعية. هذا في نظري بالنسبة لقضية التوكيل.
أيضًا بالنسبة لاستدلال بعض الباحثين بحديث ضعوا وتعجلوا، وتصحيح الحاكم له، معروف للجميع أن الإمام الحاكم رحمه الله معروف بتساهله، ولذلك الإمام الذهبي في تلخيصه لم يقره ولم يوافق على هذا التصحيح، وإنما ترك هذه المسألة، مما يدل على أن فيه شيئًا، وكما قال الأستاذ تقي الدين العثماني، أنَّ الإمام البهيقي حكم على الحديثين بالضعف وما وري عن ابن عباس رضي الله عنهما مروي عنه العكس أيضًا في مصنف عبد الرزاق حيث قال: إنما الربا أخر لي وأنا أزيدك. فإذن أعتقد أن الروايتين متعارضتان لا نستطيع أن نرجح إحداهما على الأخرى. قياس ضع وتعجل على الحطيطة أو إدخال ضع وتعجل على الحطيطة – في نظري وقد أكون مخطئًا – غير دقيق لأن الحطيطة في البيوع، عندما يبيع الإنسان أو يشتري الإنسان شيئًا ثم ينزل من ثمنه، أما هذه القضية فهي في الدين وبيع الدين بالدين معروف كما ذكره الباحثون الأجلاء من أنه لا يجوز إلا من الدائن نفسه أو من المدين نفسه. فالقضية هنا ليست لا من الدائن ولا من المدين وإنما من طرف ثالث وهو البنك الربوي.