للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو لنا في الجواب أن تنوع الحاجات، والصناعات، واختلاف الأشكال والأوصاف والخصائص في أصناف النوع الواحد إلى درجة كبيرة مما تَفَتَّقَتْ عنه أذهان المخترعين في عصر الانفجار الصناعي هذا، قد أدى إلى أن يصبح طريق الاستصناع متعارفًا عليه في كل ما يصنع بوجه عام.

- فلو أخذنا المثال الذي أوردته أول مادة من فصل الاستصناع في المجلة ٣٨٨ بقولها: " كذلك لو تقاول مع صاحب معمل على أن يصنع له كذا بندقية كل واحدة بكذا قرشًا، وبين الطول والحجم وسائر أوصافها اللازمة وقبل صاحب المعمل انعقد الاستصناع ". وذلك منذ عام ١٢٨٣هـ (تاريخ البدء بتأليف المجلة) أي قبل قرن كامل وربع القرن من الآن – لو أخذنا هذا المثال لرأينا أن البندقيات في ذلك التاريخ كانت تقريبًا على شكل واحد وبخصائص واحدة، وإنما تختلف بحسب الجهة التي ستستعمل فيها، فبندقية الصيد غير البندقية الحربية وهكذا.

فكم أصبح اليوم عدد أصناف البندقية، سواء بندقية الصيد أو البندقية الحربية، وكم تعددت خصائص كل نوع..؟!!

- ولو أخذنا المجهر الطبي مثلًا الذي كان في ذاك التاريخ شكلًا واحدًا وقوة تكبيرية واحدة أو متقاربة، فكم صنفًا أصبح اليوم بالابتكارات الجديدة فيه التي وصلت في المجهر الإلكتروني إلى قوة تكبير تبلغ أربعين ألف ضعف!! ويرى مثل هذا التطور في أصناف المصنوعات من النوع الواحد واختلاف خصائصها لدرجة مذهلة، حتى بيوت السكنى الحديثة وما دخلها من مرافق وتجهيزات بالنسبة للبيوت القديمة قبل قرن واحد.

- فمن ثم أصبح هناك بطريق التدرج حاجة عامة جعلت الناس يتعارفون الاستصناع في كل المصنوعات بوجه عام، فأصبح شرط العرف متوافرًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم

الشيخ مصطفي أحمد الزرقاء

<<  <  ج: ص:  >  >>