للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قيل من تجويز الأجر على الكفالة قياسًا على ما انتهي إليه الأمر في كثير من الواجبات التي كانت تطوعية ثم صارت مأجورة، فالجواب أن تلك الأمور واجبة، والكفالات ليست إلا من قبيل المباحات، فالقياس ليس على وجهة ثم أن تلك الأعمال هي في الأصل من فرائض الكفاية، والأصل فيها التطوع تحصيلًا من القائم بها للأجر، ورفعًا للوزر عن غيره من المسلمين.. وقد صرح كثير من الفقهاء بأن ما يعطى عن هذه الأعمال الواجبة للقائمين بها إنما هو عطاء ورزق لهم من بيت المال وأنهم يعطون الكفاية شأن العطاء من بيت المال لمن يعمل عملًا يعود نفعه على جميع المسلمين فهو ليس أجرًا وإنما شبه بالأجر لما بينه وبين العمل من التقابل واضطراد الوجود والعدم.

واخيرًا، فإن ما قيل من تخريج أجر خطاب الضمان على أنه جعالة على عمل، أو عقد وجاهة، أو نحو ذلك من الصيغ التي يراد بها إخراجه في صورة (معارضة) بين الأجر وبين عمل آخر غير الكفالة، وهذا دليل على اعتراف من يلجأ لذلك بأن الكفالة ليست محلًا للاعتياض عنها بمال.. وهذا مسلم، أما الادعاء بأن خطاب الضمان هو جعالة أو وجاهة فهو مردود، لأنه يخليه من مضمونه وهو الكفالة (شغل ذمتين بالالتزام) فالوجاهة ليس فيها شغل ذمة وكذلك الجعالة بل هي من قبيل الالتزامات التي تنحل إلى عمل له مقابل.

<<  <  ج: ص:  >  >>