للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو فتحنا الباب لهاذ التعلق الضعيف لأدنى ملابسة لأضعنا التميز القائم بين العقود المسماة، فنطلق على البيع أنه إجارة لأن فيه بيعًا للمنفعة باعتبار أنه بيع للذات (وهي العين والمنفعة معًا) وهكذا..

فخطاب الضمان كفالة، والكفالة بنوعيها: التي فيها أمر بالأداء أو ليس فيه، هي غير الوكالة، فلابد إذا من النظر في المسألة مباشرة: الأجر على الكفالة وقد تواردت مذاهب الفقهاء وعبارات المؤلفين على أن الكفالة والضمان من التبرعات التي لا يجوز الأجر عليها. ولا يخفي أن هذا الحكم منسجم مع (قواعد الشريعة العامة) التي يرسيها الفقهاء من استقراء النصوص وملاحظة ما ورد عن الشرع من أحكام وما قيس على نصوصه من تطبيقات. وليست هذه المسألة هي الوحيدة التي تتلقى عن الفقهاء بالقبول لإطباقهم عليها ويقال: أين الدليل الخاص المباشر عليها، ومع هذا فقد نوه بعض الفقهاء بمستندهم في منع الأجر على الضمان – كابن قدامة - وابن عابدين –حيث بينا أن الكفالة تؤول إلى الإقراض، وإذا كان الإقراض الفعلي غير مأذون من الشرع بالأجر عليه، فالاستعداد للإقراض (وقد لا يحصل الإقراض أن أدى المكفول نفسه) أولى وأجدر بمنع جواز الأجر عليه، لأن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات.

أما ما قيل بأن الكفالة كانت عملًا نادرًا وليس لها من يتفرغ لمزاولتها والحال تغير حيث أصبحت وجهًا من وجوه الكسب الذي يتوقف عليه التعامل، فهذا من قبيل إدارة الحكم الشرعي على التصرف الواقعي، مع أن الواجب دوران التصرف طبقًا للحكم، إذ يصبح الموزون ميزانًا، وهو من قلب الحقائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>