للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر العلامة الدسوقي بعض هذه المسائل، فقال: (وصورته: وجدت نحاسًا يعمل طستا، أو حلة، أو تورًا، أو غير ذلك فقلت له: كمله لي على صفة كذا بدينار فيجوز إن شرع في تكميله بالفعل، أو بعد أيام قلائل كخمسة عشر يومًا فأقل، وإلا منع، لما فيه من بيع معين يتأخر قبضه، ومحل الجواز أيضا إذا كان عند النحاس نحاس بحيث إذا لم يأت على الصفة المطلوبة كسره وأعاده وكمله مما عنده من النحاس ... ، وقد جعل مج (أي الشيخ محمد الأمير) وعبق (أي الزرقاني) وشارحنا هذه المسألة تبعا لابن الحاجب والتوضيح من باب اجتماع البيع والإجارة، وهو مغاير لأسلوب المصنف، ويصح أن يكون من باب السلم بناء (على مذهب أشهب المجوز في السلم تعيين المصنوع منه والصانع وهنا عين المصنوع منه، وهذه يمنعها ابن القاسم) (١) .

وعلق العلامة الدردير على قول خليل في إطلاق لفظ السلم على النوع الثاني فقال: (إطلاق لفظ السلم على هذا الشراء مجاز، إنما هو بيع معين يشترط فيه الشروع ولو حكما، فهو من أفراد قوله: (وإن اشترى المعمول منه واستأجره جاز إن شرع، ويضمنه مشتريه بالعقد، وإنما يضمنه بائعه ضمان الصناع) (٢)

ثم أن المالكية فرقوا بين مصنوع يمكن إعادته إلى مادته الخام ليصنع منها آخر، ومصنوع ليس كذلك، يقول الدردير: (ومعنى كلامه أن من وجد صانعًا شرع في عمل تور مثلا فاشتراه منه جزافًا بثمن معلوم على أن يكمله له جاز، فإن اشتراه على الوزن لم يضمنه مشتريه إلا بالقبض، وهذا بخلاف شراء ثوب ليكمل فيمنع ... ، لإمكان إعادة التور إن جاء على خلاف الصفة المشترطة، أو المعتادة، بخلاف الثوب إلَّا أن يكون عنده غزل يعمل منه غيره إذا جاء على غير الصفة) (٣) .

وهذا النص يدل على أن الأساس هنا في الجواز وعدمه هو مدى صلاحية كون المادة الخام لأن يصنع منها المطلوب، ولأن تعاد مرة أخرى ليصنع منها المطلوب مرة أخرى، أو وجود كمية إضافية ليصنع منها آخر حسب الوصف المطلوب.


(١) حاشية الدسوقي: ٢/٢١٥؛ ويراجع: شرح الخرشي، طبعة بولاق مصر: ٥/٢٢٤ – ٢٢٥.
(٢) الشرح الكبير مع الدسوقي ٢/٢١٥ - ٢١٦.
(٣) الشرح الكبير مع الدسوقي ٢/٢١٥ - ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>