للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا فالمصنوعات الحديثة التي تقوم بصنعها المكائن حسب قوالب محددة غير مختلفة فلا إشكال في جوازها.

وكذلك فرق المالكية بين الشراء من دائم العمل أي محترف الصنعة كالخباز وغيره، حيث أجازوا شراء ما يصنع دون تعينه، أي يكون الصانع معينا، دون المصنوع منه، واعتبروه بيعًا، بينما يعتبر سلمًا إذا كان الصانع غير محترف أو على حسب تعبيرهم (غير دائم العمل) حيث يكون دينًا في الذمة كعقد على قنطار خبز يؤخذ من المسلم إليه بعد شهر يحدد قدره وصفته، لكن المالكية جعلوا استصناع السيف والسرج سلمًا سواءً كان الصانع المعقود عليه دائم العمل أم لا، يقول الدردير: (والحاصل أن دائم العمل حقيقة أو حكمًا إن نصب نفسه على أن يؤخذ منه كل يوم مثلًا ما نصب نفسه له من وزن أو كيل، أو عدد كالخباز، واللبان، والجزار، والبقال يمكن فيه البيع تارة، والسلم أخرى بشروطه، وإلا – (أي إن لم يكن دائم العمل ولا غالبه بأن كان انقطاعه أكثر، أو تساوى عمله مع انقطاعه) – فالسلم بشروطه كالحداد، والنجار، والحباك) (١) والدليل على جواز ذلك عمل أهل المدينة (٢) .

ثم إن المالكية مختلفون في أن تعيين المصنوع منه هو يفسد السلم، فذهب ابن القاسم إلى أن تعيين المصنوع منه يفسد السلم، مثل أن يقول: اعمل لي من هذا الحديد بعينه، أو من هذا الخشب بعينه، لأنه حينئذ لا يكون دينًا في ذمته وبالتالي لا يكون سلمًا.

وذهب أشهب إلى جواز أن يكون المصنوع منه معينًا في السلم (٣) ، وذلك لأن تعيين المصنوع منه لا يضر بطبيعة السلم في نظره، ولا يوجد نص يمنع ذلك.


(١) الشرح الكبير مع الدسوقي: ٢/٢١٦ – ٢١٧.
(٢) جاء في المدونة: (قال مالك: ولقد حدثني عبد الرحمن بن المجبر عن سالم بن عبد الله قال: كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلًا نأخذ كل يوم كذا وكذا، والثمن إلى العطاء، فلم ير أحد ذلك دينا بدين، ولم يروا به بأسا) – المدونة: ٣/٢٩٠؛ ويراجع مواهب الجليل: ٤/٥٣٨؛ وتبين المسالك، طبعة دار الغرب الإسلامي: ٣/٤٥٥.
(٣) الشرح الكبير مع الدسوقي: ٢/٢١٦ – ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>