ثار خلاف بين الفقهاء فذهب جماعة منهم إلى أن الاستصناع عقد تابع وداخل في أحد العقود المشهورة المتفق عليها، وهؤلاء اختلفوا على ضوء ما يأتي:
١- هل هو سلم؟ هذه المسألة هي مثار خلاف كبير بين الفقهاء فذهب جمهور الفقهاء (المالكية على تفصيل والشافعية والحنابلة) إلى أن الاستصناع داخل في باب السلم، ولذلك يخضع لشروطه وضوابطه من تسليم الثمن في المجلس عند الجمهور أو خلال ثلاثة أيام عند المالكية وغير ذلك من شروط السلم.
ومن هنا يعترف هؤلاء بالاستصناع كعقد مستقل، وإنما أدخلوه في السلم، ولذلك ذكروه في باب السلم، جاء في المدونة: باب السلف في الصناعات: (قلت ما قول مالك في رجل استصنع طستا، أو تورا قمقما، أو قلنسوة، أو خفين، أو لبدًا، أو استنحت سرجًا، أو قارورة، أو قدحا، أو شيئا مما يعمل الناس في أسواقهم من آنيتهم، أو أمتعتهم التي يستعملون في أسواقهم عند الصناع فاستعمل من ذلك شيئا موصومًا، وضرب لذلك أجلًا بعيدًا، وجعل لرأس المال أجلًا بعيدًا، أيكون هذا سلفًا أو تفسده، لأنه ضرب لرأس المال أجلًا بعيدًا، أم لا يكون سلفًا، ويكون بيعًا من البيوع في قول مالك ويجوز؟
قال: أرى في هذا أنه إذا ضرب للسلعة التي استعملها أجلًا بعيدًا، وجعل ذلك مضمونًا على الذي يعملها بصفة معلومة، وليس من شيء بعينه يريه يعمله منه، ولم يشترط أن يعمله رجل بعينه، وقدم رأس المال، أو دفع رأس المال بعد يوم أو يومين، ولم يضرب لرأس المال أجلًا فهذا السلف جائز، وهو لازم للذي عليه يأتي به إذا حل الأجل على صفةٍ ما وصفا.
قلت: وإن ضرب لرأس المال أجلًا بعيدًا، والمسألة على حالها فسد وصار دينا في قول مالك؟ قال: نعم.