يتلخص هذا البحث في أن عقد الاستصناع عقد مستقل محله العمل، والعين الموصوفة في الذمة، ولذلك له شروطه الخاصة ومقوماته وخصائصه وآثاره، وأن من أهم آثاره التي رجحناها هي: ثبوت الملك للمستصنع في الشيء المستصنع، وثبوت الملك في الثمن المتفق عليه، ولزوم قيام الصانع بعمله في العين حسب الاتفاق، ولزوم دفع الثمن من قبل المستصنع، وثبات خيار الوصف، وعدم بطلان الاستصناع بموت أحدهما – حسب ترجيحنا – وأن حق المستصنع لا يتعلق بشيء معين، وإنما المطلوب من الصانع أن يصنع له المطلوب حسب المواصفات والشروط.
وقد انتهى البحث كذلك إلى لزوم عقد الاستصناع للطرفين، وعدم جواز الفسخ إلا في حالات الظروف الطارئة، أو بموافقة الطرفين.
وقد استعرض البحث المراحل الثلاث لعقد الاستصناع، كما استعرض المذهب الحنفي على ضوء ما ذكره الكاساني، وعلى ضوء ما ذكره المحيط البرهاني، وكذلك ما ذكره ابن عابدين فوجد أن حكم ابن عابدين على حصر طرق المذهب الحنفي في عدم اللزوم اجتهاد خاص به لا يلزم غيره من العلماء الأعلام أمثال المرغيناني والسرخسي، والبرهاني وغيرهم.
ووصل البحث إلى أن الصانع إذا أكمل المصنوع على المواصفات المطلوبة فإنه يلزم المستصنع أن يأخذه ويدفع ثمنه المتفق عليه، وأما إذا كان فيه خلل، أو عيب فإن المستصنع بالخيار كما تناول البحث موضوع الحرية التعاقدية، ومدى الالتزام بالوعود وموضوع الشرط الجزائي، والظروف القاهرة (١) .
وختامًا هذا جهد متواضع، وعمل أردنا به وجه الله تعالى فإن كنت موفقا فيه فذلك بفضل الله تعالى، وإلا فالتقصير يعود إلي، لكن الله هو الغفور الرحيم وهو الهادي إلى الصراط المستقيم.
والله أسال أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يعصمنا من الخطأ في القول والعمل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور على محيى الدين القره داغي
(١) وهو حديث ثابت رواه أحمد في مسنده (١/٣١٣، ٣٢٧) ومالك في الموطأ ص (٦٦٤) وابن ماجه في سننه، كتاب الأحكام (٢/٧٨٤) .