للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الجزء الخامس من مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري الجديد في العقود المسماة. والعقود الواردة على العمل – وعقود الغرر وعقد الكفالة. قالت عند الكلام على المقاولة والتزام المرافق العامة إن مجرد التغيير الذي تم في عنوان هذا الفصل، وإبدال اسمه القديم ايجار أهل الصنائع باسم جديد هوعقد المقاولة لكاف في الدلالة على مدى التطور الذي لحق هذا العقد وتشعب نواحيه وتعدد أشكاله وصوره العملية في الوقت الحاضر. فقد كان القصد قديمًا من وضع أحكام هذا الفصل هو تنظيم العلاقة القانونية بين مستصنع وصانع يعهد إليه بعمل ما.

ولهذا نجد التقنين المصري – أهلي ومختلط – يتكلم عن عقد الاستصناع وعقد العمل في باب واحد إيجار الأشخاص وأهل الصنائع. (١) .

ومن هذا يظهر أن عقد الاستصناع المعروف في الفقه الحنفي يقرب كثيرًا عقد المقاولة في التقنينات الوضعية الحديثة.

ويقول السنهوري بعد أن استعرض مختلف الآراء في تكييف عقد المقاولة ومقارنته بالعقود الأخرى، قال: ورأي ثالث يذهب إلى أن العقد يكون مقاولة أو بيعًا بحسب نسبة قيمة المادة إلى قيمة العمل، فإن كانت قيمة العمل. تفوق كثيرًا قيمة المادة كالرسام يورد القماش أو الورق الذي يرسم عليه والألوان التي يرسم بها وهذه الخامات أقل بكثير من قيمة عمل الرسام فالعقد مقاولة، أمَّا إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرًا قيمة العمل كما إذا تعهد شخص بتوريد سيارة بعد أن يقوم فيها ببعض إصلاحات طفيفة فالعقد بيع وهذا هو الرأي الذي ذهبنا إليه عند الكلام في البيع ونزيده إيضاحًا فنقول: إن الأمر ظاهر في المثلين المتقدمين حيث تصغر قيمة المادة إلى حد كبير بالنسبة إلى عمل الفنان فتكون تابعة للعمل ويكون العقد مقاولة،

حيث تكبر هذه القيمة إلى حد بعيد بالنسبة إلى العمل في السيارة التي تحتاج إلى إصلاحات طفيفة فيكون العقد بيعًا. ولكن كثيرًا ما يقع أن تكون للمادة قيمة محسوسة إلى جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه وذلك كالخشب الذي يورده النجار لصنع الأثاث والقماش الذي يورده الحائك لصنع الثوب ويصبح العقد في هذه الحالة مزيجًا من بيع ومقاولة سواء كانت قيمة المادة أكبر من قيمة العمل أو أصغر، ويقع البيع على المادة وتسرى أحكامه فيما يتعلق بها وتقع المقاولة على العمل وتنطبق أحكامها عليه (٢) .

وهذا الذي أطلق عليه المرحوم السنهوري بأنه مزيج من عقد البيع والمقاولة هو ما نسميه استصناعًا. إذا كانت المادة والصنع من الصانع أما إذا كانت المادة من المستصنع فهو عقد إجارة فحسب إن كان شراء المادة من غير الصانع أو كانت من المستصنع الذي طلب الصنع وعقد بيع وإجارة إن كان شراء المادة من الصانع طبقًا لمذهب غير الحنفية أما عند الأحناف فهو عقد استصناع لاغير.


(١) القانون المدني: ٥/٦٥٥.
(٢) الوسيط: ج٧ المجلد الأول ص٢٦، ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>