ثالثًا – إلى جانب عقد المقاولة في التقنيات الوضعية المدنية والتجارية يبرز في القوانين البحرية عقد بناء السفن وهو لا يختلف في نتيجة عن عقد المقاولة فقد تكون المواد والمهمات اللازمة للبناء من طالب البناء ويقدم المقاول أو شركة البناء الخبرة الفنية واليد العاملة التي تتولى تحويل تلك المواد والمهمات إلى سفينة صالحة للملاحة لقاء أجر وليس لطالب البناء أي إشراف فِعْلِيٍّ على المقاول الذي يقوم ببناء السفينة فهذا العقد هو عقد مقاولة في القانون وهو عقد إجارة في نظر الفقه الإسلامي وقد يقدم الباني العمل والمواد اللازمة للبناء مقابل مبلغ نقدي إجمالي يلتزم بدفعه طالب البناء وهي الصور الغالبة في العصر الحاضر حيث تتخصص في بناء السفن شركات كبرى تتمتع بالكفاءة الفنية العالية والملاءة المالية ويكتفي طالب البناء بتكليف شركة إشراف لتقوم بمراقبة الباني للتأكد من احترامه للشروط والمواصفات الواردة في عقد البناء سواء من حيث كيفية الصنع أو نوعية الأدوات والمواد المستعملة، وقد اختلف في القانون في تكييف هذا العقد هل هو عقد مقاولة أو عقد بيع وإذا كان بيعًا هل هو عقد بيع معلق على شرط أم هو بيع لشيء مستقبل ويرجح رجال القانون بأنه عقد بيع أشياء مستقبلة لأن السفينة وقت التعاقد لم تكن موجودة وقد انصب البيع على شيء مستقبل هي السفينة عند تمام بنائها (١) .
وهو عقد استصناع في الفقه الحنفي وعقد سلم لدى المذاهب الثلاثة الأخرى وستظهر طبيعة هاتين النظريتين عند الكلام على طبيعة العقدين في الدراسة إن شاء الله.
(١) الوسيط في القانون البحري الكويتي، للدكتور إبراهيم مكي: ١/١١٧ – ١١٩. الوسيط شرح القانون البحري الكويتى، للدكتور يوسف صرخوه: ١/١١٦ - ١١٧.