للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحور الثاني، ويتناول المباحث التالية:

١- الاستصناع والسلم.

٢- العلاقة بين العقدين.

٣- شروط كل من الاستصناع والسلم.

اولًا – الاستصناع والسلم:

السلم ثابت بالكتاب والسنة والإجماع فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} .

قال ابن العربي في حقيقة الدين: هو عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدًا والآخر في الذمة نسيئة. فإن العين عند العرب ما كان حاضرًا والدين ما كان غائبًا (١) .

وورد في الحديث من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم إلى أجل معلوم إلا أنهم قالوا إنه مخالف للقياس لأنه عبارة عن بيع المعدوم وفيه فائدة للمسلم إليه ولرب السلم لأن المسلم إليه كثيرًا ما يكون من الزراع المحتاجين للنقود ورب السلم من التجار فيدفع رب السلم النقود بمقابل أمل ارتفاع أسعار المبيع حين تسليمه له ويستفيد المسلم إليه بالنقود التي قبضها من رب السلم ويعتبر فيه خيار العيب خلافا لخيار الشرط وخيار الرؤية لأن السلم دين وهذه الخيارات لا تقع في الدين (٢) .

والسلم لا يصح إلا فيما يمكن ضبطه وتعيينه قدرًا ووصفًا كالمكيلات والموزونات والمذروعات والعدديات المتقاربة، وأما العدديات المتضاربة في القيمة كالبطيخ والرمان فلا يجوز السلم فيها عددًا إلا ببيان صفتها المميزة لها.

والقاعدة التي يرجع إليها أن مالا يمكن ضبط صفته ومعرفة قدره لا يصح السلم فيه لأنه يفضي إلى المنازعة، ويشترط لصحة السلم (إن كان المسلم فيه حنطة أو قطنًا أو خبزًا أو شعيرًا أو غير ذلك من الأشياء الي يمكن أن توجد ويمكن أن لا توجد) أن يكون موجودًا وقت العقد إلى وقت التسليم ليكون البيع بعيدًا عن الغرر بإمكان التسليم.

وذهب آخرون إلى جواز السلم فيما ليس بموجود في وقت العقد إذا أمكن وجوده في وقت حلول الأجل (٣) .

أما الاستصناع فإنه يتفق وعقد السلم في أن كلًّا منهما بيع وأنه جوز على خلاف القياس إلا أن عقد الاستصناع يشترط فيه كون العين والعمل من الصانع وأن يقع فيما تعامل الناس به وإلَّا يكون سلمًا إذا عين له مدة، أو عقدًا فاسدًا إذا لم تعين مدته، ويجب تعريف المصنوع في الاستصناع ولا يجب دفع الثمن نقدًا ويختلف كذلك السلم عن الاستصناع من وجوه:

أولًا – السلم بيع من كل الوجوه والاستصناع بيع وإيجار وعمل.

ثانيًا – يبطل الاستصناع بوفاة أحد المتعاقدين خلافًا للسلم.

ثالثًا – يشترط في السلم دفع الثمن نقدًا وبيان الأجل وبالاستصناع لا يشترط ذلك (٤) .


(١) أحكام القرآن: ١/٢٤٧.
(٢) شرح المجلة، لعلي حيدر: ١/٣٤٩؛ وكفاية الأخيار:١/١٥٩.
(٣) المعاملات الشرعية، لأحمد إبراهيم: ١٤٥، ١٤٦ – مجلة الأحكام العدلية وشرحها.
(٤) شرح المحاسني على المجلة: المادة (٣٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>