للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أركان عقد الاستصناع:

الركن الأول: الصيغة – وما يشترط فيها.

ويشترط في صيغة العقد ما يشترط في صيغة عقد البيع ولا نرى الحاجة في الإفاضة في ذلك.

الركن الثاني: العاقدان.

ويشترط فيهما ما يشترط في العاقدين في عقد البيع، ولا نرى الإفاضة في ذلك (١) .

الركن الثالث: المعقود عليه في عقد الاستصناع وما يشترط فيه.

وهذا الركن أرى بسط الحديث فيه إذ هو يتميز بميزات خاصة جعلته يصدق عليه هذا الاسم، وهو (الاستصناع) ، فأبين حقيقة المعقود عليه في عقد الاستصناع ثم ما يشترط في المعقود عليه لكي يصح عقد الاستصناع عند علماء الحنفية.

أولا: حقيقة المعقود عليه في عقد الاستصناع.

اختلف فقهاء المذهب في حقيقة المعقود عليه في هذا العقد إلى رأيين:

الرأي الأول: لأبي سعيد البردعي (٢) ،

يرى أبو سعيد البردعي أن المعقود عليه في عقد الاستصناع هو العمل لأن الاستصناع استفعال من صنع أي طلب الصنع، وهو العمل، فتسمية العقد به دليل على أن المعقود عليه هو العمل، والأديم فيه والصرم بمنزلة الصيغ، أي بمنزلة الآلة للعمل. (٣) ولهذا يبطل عقد الاستصناع بموت أحد المتعاقدين، كما تبطل الإجارة بذلك (عند المذهب الحنفي) .

الرأي الثاني: وهو رأي جمهور علماء المذهب (٤)

يرى هؤلاء أن المعقود عليه هو العين وليس العمل، وذكر الصنعة لبيان الوصف وهذا هو الأصح في المذهب الحنفي، وقد قالوا في توجيه هذا الرأي: إن المعقود عليه هو العين (أي المستصنع فيه) لأن الصانع لو جاء بالمستصنع فيه مفروغا عنه، ولا من صنعته (بأن كان من صنع غيره) أو من صنعته قبل العقد، فأخذه المستصنع كان جائزًا، أي أنه لا يشترط أن يقوم الصانع بعمله في العين بعد العقد، حتى لو جاء به مفروغا، لا من صنعته، أو من صنعته قبل العقد، فأخذه المستصنع جاز.


(١) إذا سرنا على رأي الحنفية فالركن هو رضا المتعاقدين، ولكنه لا يقوم الرضا إلَّا بوجود عاقدين، ومعقود عليه، ومن ثم كان رأي غيرهم جعل هذه الثلاثة أركانا
(٢) أبو سعيد البردعي: هو أحمد بن الحسن – أبو سعيد – من الفقهاء الكبار، قتل في وقعة القرامطة مع الحاج سنة ٣١٧هـ سبع عشرة وثلاثمائة من الهجرة وتمام ترجمته في طبقات عبد القادر، وحاشية ابن عابدين: ٥/٢٢٥
(٣) تبيين الحقائق، للزيلعي: ٤/١٢٤.
(٤) تبيين الحقائق، للزيلعي: ٤/١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>