للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي العرف الاصطلاحي هو عقد على مبيع في الذمة مشروط فيه أوصاف وعمل فمن قال لمن هو من أهل الصنعة اصنع الشيء الفلاني مما هو من اختصاصك وقد أجابه إلى ذلك بعد ما اتفقا على الثمن فقد انعقد العقد، إذن فهو عقد على مبيع في الذمة مشروط بعمل كما عرفه الكاساني (١) وفي المبسوط قال السرخسي: وإذا استصنع الرجل خفين أو قلنسوة أو طستا أو كوزًا أو آنية من أواني النحاس فالقياس أن لا يجوز ذلك لأن المستصنع فيه مبيع معدوم وبيع المعدوم لا يجوز لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ثم هذا في حكم بيع العين ولو كان موجودًا غير مملوك للعاقد لم يجز بيعه فكذلك إذا كان معدومًا بل هو أولى ولكنا نقول نحن تركنا القياس لتعامل الناس من غير نكير وهو أصل من الأصول كبير لقوله صلى الله عليه وسلم "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن". وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". وهو نظير دخول الحمام بأجر فإنه جائز لتعامل الناس وإن كان مقدار المكث فيه وما يصب من الماء مجهولًا وكذلك شرب الماء من السقاء بفلس والحجامة بأجر جائز لتعامل الناس وإن لم يكن له مقدار مما يشترط أن يصنع من الكنه على ظهره معلوم، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استصنع خاتمًا واستصنع المنبر فإذا ثبت هذا يترك كل قياس في مقابلته (٢) فالاستصناع هو بيع سلعة ليست عنده على غير وجه السلم فهو عقد على مبيع في الذمة مشروط فيه العمل فمن قال لغيره: اصنع لي كذا بكذا درهمًا، واتفقا على ذلك انعقد عقد الاستصناع عند الحنفية وكذلك عند الحنابلة على غير وجه السلم فهو إذن من البيوع مذكور عند الكلام على البيع بالصنعة.


(١) الكاساني، بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧، طبعة الإمام
(٢) المبسوط للسرخسي: ١٢/١٣٨ ـ ١٣٩، طبعة ١

<<  <  ج: ص:  >  >>