للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستصناع والمقاولات:

هذا وإن الاستصناع هو ضرب من ضروب ما يعرف في زماننا بالمقاولة، إذ المقاولة هي أن يتعهد أحد المتعاقدين بأن يصنع شيئًا للطرف الثاني، مقابل ثمن معين، فإن تعهد المقاول بتقديم العمل والمادة كان مقاولة في العرف، واستصناعًا في الشرع، وإن تعهد بتقديم العمل، كان مقاولة في العرف، وإجارة في الشرع.

وهكذا تكون المقاولة في القانون الوضعي أعم من الاستصناع في الشرع.

شروط الاستصناع العامة:

لما كان الاستصناع نوعًا من أنواع البيع اشترط فيه الفقهاء ما اشترطوا في عقود المعاوضات من شروط عامة، سواء منها ما يتفق بالانعقاد، أو بالنفاذ أو باللزوم، أو بالصحة. ومن ذلك (١)

١ - التراضي به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراضٍ" وهو أن يأتيا به اختيارًا، فإن كان أحدهما مكرهًا لم يصح (٢)

٢ - أهلية المتعاقدين: وهو العقل والبلوغ عند الشافعية والحنابلة، مما يكون به مكلفًا رشيدًا، وهو العقد فقط عند الحنفية والمالكية، لأنهم جوزوا تصرف الصبي الذي يعقل. وكذلك جوز الحنابلة تصرف الصبي المميز، بإذن وليه (٣)

٣ - أن يجري العقد بين اثنين فأكثر، لأن الواحد لا يصلح أن يكون عاقدًا من الجانبين (٤)

٤ - أن يكون المبيع مالًا مملوكًا أو مأذونًا في بيعه، والمال هو ما فيه منفعة مباحة لغير ضرورة كالكلب إذ منفعته مباحة للضرورة (٥) . وقال الكاساني إنه منتفع حقيقة من مباح الانتفاع به شرعًا (٦)

٥ - أن يكون القبول موافقًا للإيجاب.. بأن يقبل المشتري ما أوجبه البائع.

٦ - أن لا يفصل بين القبول والإيجاب فاصل يدل على الإعراض وعدم الرضا. وعند الحنفية يقيد بخيار المجلس، وأيٌّ قام عن المجلس قبل القبول بطل الإيجاب (٧)

٧ - أن يكون المبيع موجودًا، مقدورًا على تسليمه، لنهي النبي عن بيع ما ليس عند الإنسان خلافًا لمن قال: إن بيع المعدوم جائز إذا لم يكن فيه غرر، واستحال تسليمه، لأن الشرع صحح بيع المعدوم في بعض الحالات، إذا أجاز بيع الثمر بعد بدو صلاحه في السلم.

٨ - أن يكون المبيع معلوما، برؤية، أو صفة تحصل بها معرفته، وكذلك الثمن يشترط فيه أن يكون معلومًا (٨)


(١) رد المحتار على الدر المختار، لابن عابدين: ٤/٥
(٢) المقنع لابن قدامة: ٢/٤
(٣) المقنع، لابن قدامة: ٢/٤، ومواهب الجليل، للحطاب: ٤/٢٤١، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، للزيلعي: ٤/١٢٤، ورد المحتار على الدر المختار: ٤/٥
(٤) البدائع، للكاساني: ٥/١٣٥
(٥) المقنع، لابن قدامة: ٢/٧، والكاساني: ٥/١٤٣ و ١٤٦
(٦) البدائع، للكاساني: ٥/١٤٧، والمغنى، لابن قدامة: ٤/٣
(٧) تبيين الحقائق: ٤/٤، والكاساني: ٥/١٣٥ وما بعدها
(٨) البدائع للكاساني: ٥/١٥٦، والمقنع: ٢/١١ و ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>