للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر بعضهم من صور الاستصناع وزاد بعض ما وجد في عصور المتأخرين كصناعة الزجاج والحديد، مما يدل دلالة واضحة على أن ذكر الصور عند المتقدمين على سبيل التمثيل لا الحصر.

وأما تعريفه بالحد فقد ذكروا له عدة تعريفات: منها ما نقله الكاساني عن بعض الفقهاء أنه:

(عقد مقاولة) (١) ، ويرى بعضهم أنه (عقد على مبيع في الذمة) (٢) ، ونقل عن آخرين قولهم: (عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل) (٣) .

أما مجلة الأحكام العدلية فقد عرف فيها بـ: (عقد مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئًا) (٤) .

ومن أمثلته ما ذكر في المجلة (إذا قال شخص لآخر من أهل الصنائع اصنع لي الشيء الفلاني بكذا قرشًا وقبل الصانع ذلك انعقد البيع استصناعًا) (٥)

وعرفه من المعاصرين أستاذنا الدكتور/ أحمد أبو سنة ونقله عنه الدكتور عبد العزيز الخياط حيث قال: (أن يطلب من الصانع عمل شيء مادته من عنده على وجه خاص) (٦)

فقد ذكر في التعريف ما يفرق بين الاستصناع والإجارة على الصنع، فالمادة في الاستصناع والعمل من العامل.

أما الإجارة على العمل فالمادة من طالب الصنعة ولعل أوفى تعريف وأقربه إلى حقيقة الاستصناع ما ورد في رسالة عقد الاستصناع حيث عرفه المؤلف بقوله: (عقد على مبيع في الذمة يشترط فيه العمل على وجه مخصوص) (٧) ، وعلى هذا التعريف الذي اعتبره عقدًا يخرج الوعد.

والقول بأنه على مبيع يخرج الإجارة إذ هي عقد على منافع مؤقته.

والقول بأنه في الذمة يخرج البيع، إذ البيع مقبوض في المجلس، والاستصناع مطلوب صنعه في الذمة.

والقول بأنه شرط فيه العمل قيد احترز به عن السلم، إذ أن السلم بيع آجل بعاجل، والاستصناع لا يشترط فيه أخذ الثمن عند كثير من الفقهاء كما سيظهر فيما بعد.

والقول بأنه على وجه مخصوص، أي: جامع شرائط الاستصناع (٨) التي ستذكر فيما بعد والله أعلم.


(١) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٢) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٣) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٧٧
(٤) مادة: "١٢٤"
(٥) مادة " ٣٨٨"
(٦) العرف والعادة ١٣٩، نظرية العرف ١١٧
(٧) بدران الكاسب: ص٥٩
(٨) بدران الكاسب: ص٥٩ - ٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>