للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن فرق كثير من العلماء بين الإجارة والاستصناع بأمرين:

١- الإجارة على الصنع المادة فيها من طالب الصناعة أما الاستصناع فالعمل والمادة من الصانع.

٢- وفرق آخر بين الاستصناع والإجارة على الصنع بأنه في الإجارة المعقود عليه هو العمل أما في الاستصناع فالمعقود عليه هو العين الموصوفة في الذمة لا بيع العمل (١)

٣- الذين قالوا: إن المعقود عليه هو العمل والعين فيه تبع قالوا: إن الاستصناع اشتقاق من الصنع وهو العمل فتسمية العقد به دليل على أنه هو المعقود عليه والأديم فيه بمنزلة الآلة للعمل (٢)

ورد على قولهم هذا بأن المعقود عليه المستصنع فيه وذكر الصنعة لبيان الوصف ألا ترى أنه لو جاء به مفروغًا عنه لا من صنعته أو من صنعته قبل العقد فأخذه جاز (٣)

أما الذين قالوا: إن الاستصناع بيع عين لها علاقة بالذمة، فيرد عليهم عدة اعتراضات.

أولًا: إن تعريف بيع العين لا ينطبق على هذا العقد حيث إن العين كما ورد تعريفها في مجلة الأحكام العدلية: (الشيء المعين المشخص كبيت وحصان وكرسي وصبرة حنطة وصبرة دراهم حاضرتين فكلها أعيان) (٤)

وقد نقل سعدي أبو جيب تعريفه عن الحنفية بقوله عند الحنفية: (ما كان قائمًا في ملك الإنسان من نقود وعروض) (٥)

وحيث أن المستصنع فيه بيع معدوم كما نص عليه جمهور الحنفية فلا يمكن أن يكون المعدوم عينًا فليس المستصنع موجودًا ولا مشخصًا بل معدومًا والمعدوم يتعلق بالذمة وما تعلق بالذمة فهو دين. جاء في مجلة الأحكام العدلية: (الدين ما يثبت في الذمة كمقدار من الدراهم في ذمة رجل ومقدار منها ليس بحاضر، والمقدار المعين من الدراهم أو من صبرة الحنطة الحاضرتين قبل الإفراز فكلها من قبيل الدين) (٦)


(١) الموسوعة الفقهية: ٣/٣٢٦
(٢) السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩
(٣) السرخسي، المبسوط: ١٢/١٣٩
(٤) مادة "١٥٩"، وانظر الباز شرح المجلة، مادة "١٥٩"، وعلي حيدر، شرح المجلة، مادة "١٥٩"
(٥) القاموس الفقهي "عين".
(٦) مادة "١٥٨"

<<  <  ج: ص:  >  >>