للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أيضًا بعض الملاحظات على ما ذكره الأستاذ الجليل.

أولًا: حصر آراء غير الحنفية في اعتبار الاستصناع من باب السلم، يؤخذ عليه من أن المالكية - رحمهم الله - جعلوا نوعين من أنواع الاستصناع داخلين في غير السلم، كما في الصفحة الخامسة من بحث الفقير إلى الله حيث يقول: النوع الثاني كذا وكذا فهذا النوع ليس بسلم وإنما هو من باب البيع والإجارة، والنوع الثالث كذلك: فهذا النوع أيضًا من باب البيع والإجارة، فالاستصناع عند المالكية أربعة أنواع: نوع سلم ونوعان داخلان في البيع والإجارة ونوع باطل، كما هو موجود في بحثي.

إذن من هنا حقيقة لا ينبغي لنا أن نقول بأن غير الحنفية أدخلوا الاستصناع في باب السلم فالمالكية اعتبروا الاستصناع في نوعيه من باب البيع والإجارة.

ثانيا: الملاحظة الثانية في قضية استقلالية الاستصناع: المسألة لا تنحصر حتى في قضية البيع والسلم والإجارة، وإنما هناك حوالي سبعة تصورات، وكل تصور قال به فريق من العلماء كما أسلفت في البحث، هل هو بيع فقط؟ هل هو سلم؟ هل هو بيع وإجارة؟ هل هو إجارة ابتداء وبيع انتهاء؟ هل هو إجارة محضة؟ هل هو مواعدة؟ هل هو له شبه بالسلم والبيع؟ لا هذا ولا ذاك. هل هو جعالة؟ حوالي سبعة أو ثمانية تصورات وبكل تصور قال به فريق من العلماء، وقد رجحنا في الأخير أنه عقد مستقل، ليس سلما ولا بيعا ولا غير ذلك بأدلة مذكورة في بحثي، وحينما ناقشنا الأقوال السابقة قلنا إن الذين قالوا إنه بيع اعترف أكثرهم بنوع من التغاير بينه وبين الاستصناع فمثلا قالوا: إن الاستصناع يخالف البيع في في اشتراط العمل في الاستصناع دون البيع، وفي إثبات خيار الرؤية عند بعضهم في الأول، ثم إن الاستصناع لو كان بيعا لما بطل بموت أحد العاقدين عند الحنفية، إذن فهو ليس بيعا، ثم كذلك - ولا أريد أن أطيل على حضراتكم لأنه موجود في الكتاب - الذين جعلوا الاستصناع إجارة يَرِدُ عليهم أو يُرَدُّ عليهم بوجود فرق كبير بينهما، فالاستصناع وارد على العين والعمل، بينما الإجارة واردة على العمل فقط. وكذلك الذين قالوا بأنه مواعدة، وكل هذه المناقشات موجودة عند حضراتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>