للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رأينا فقهاء سابقين عدوا هذه بعد أن قعدوا القاعدة، عدوا كل ما خالف القاعدة هو من قبيل المستثنيات، ولكن ابن القيم الجوزية - رحمة الله عليه - وهو البعيد الغور لما تحدث عن المشاكل قال: (ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس) ، وأنتم أعلم بهذا مني، أراد أن يجعل من هذه العقود عقودا مستقلة بذاتها وليست مستثناة من القواعد العامة وبسطها بما هو معلوم، فأعتقد أن العقود التي تجرى اليوم على هذه الصفة لا يمكن فيها أن تقوم الدولة ولا الأفراد بدفع المال معجلا، ولا يمكن أن تقوم على الالتزام، وأنه يتأكد القول بأن هذه العقود كلها هي عقود جائزة وإلا لوقعت الأمة كلها في خطر، ولا يمكن أن نجيز عقدا وأن ننفي عقدا آخر، ولهذا فالذي يترجح عندي أمران: أنه لا يجب تقديم رأس المال كاملا كالسلم، وأن عقد الاستصناع - أو سمه ما شئت - هو عقد ملزم للطرفين. والله أعلم.

عفوا نسيت نقطة: الأمر الذي أريده الانتظام، أن ينتظم فيه الفكر الإسلامي في مباشرة الحياة الجديدة هو أن هذا أيضا هو أصل المشكلة في المستقبليات التي تحدثنا عنها قبل يومين، فإن الذي يأخذ على نفسه أو يلتزم بأن يعطي للدولة كل يوم عشرة أطنان أو مائة طن من الخبز فلا بد من أن يحقق لنفسه المادة الأولية، وهو لذلك لا بد أن يعقد هذا العقد من هذا النوع الذي يلتزم فيه الطرفان دون تقديم رأس المال. وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>