من جانب آخر لاحظنا أنه في عقود بيوع المرابحة، هذه العقود لا تقوم بدفع أو تمويل عمليات أجور البناء، يعني شخص يريد أن يبني بيتا: هذا الشخص إذا أراد أن يبني بيتا عن طريق البنك الإسلامي هو يشتري فقط المواد، أما ما يدفعه من أجور مصانعة وبناء وغير ذلك لا يمكن أن يمول عن طريق بيع المرابحة، وإذا دفع سيكون عبارة عن محض قرض ربوي، هذا في الواقع الذي دفعنا إلى التفكير في قدرات عقد الاستصناع فوجدنا أن العملية يمكن أن تتم من الناحية الشرعية وعلى أساس ترجيح ما ذهب إليه الحنفية، وبالذات رأي أبي يوسف، وما تبنته مجلة الأحكام العدلية، على أساس أن يقوم هناك عقد بين الراغب في المادة المصنوعة أيا كانت ذلك، حجرا أو أثاثا أو مواد بناء إلى غير ذلك، أن يعقد عقدا مع البنك، الإسلامي على أن يتولى البنك أو الجهة التمويلية تقديم هذه المادة المصنوعة وفق ما يتفقان عليه من شروط، وغالبا ما تكون هذه الشروط فيها تأجيل للثمن، ثم بعد ذلك يذهب البنك الإسلامي أو الجهة الممولة الإسلامية إلى صانع مختص في هذا العمل، فيتفقا معه بعقد آخر لا علاقة له بالعقد الأول بتنفيذ هذه الصنعة، والعلاقة الحقوقية والالتزامات المترتبة بين المستصنع في العقد الأول والجهة التمويلية - البنك - والصانع في العقد الثاني والجهة التمويلية - البنك - منفصلتان تماما ولا علاقة بينهما، وبالتالي كل عقد يعامل من حيث ما يتعلق به من خلافات في ظله وضمن شروطه ومواصفاته، وفق هذا الفهم تم استحداث نوعين من العقود: عقد بين المستصنع والجهة الممولة (البنك) ، وعقد آخر بين الصانع وبين الجهة الممولة، وسرنا في هذا التطبيق على أساس هذا الفهم وهو الذي قدمته في ورقة العمل التي بين أيديكم، وأرفقت بها صورا لبعض العقود في هذا المجال لعل في ذلك تنويرا حول ما نقوم به، هذا فيه شيء قريب، وقد لجأ أحد البنوك الإسلامية إلى شيء قريب من ذلك كما هو في قطر، وكما أشار الشيخ السالوس في ورقته، في ظني الاستفادة من هذا العقد في المجال التمويلي - نحن مسلمون في مجال الصناعة أن قدرات هذا العقد فذة ويلبي الحاجات التي تحتاجها الأمة كما شرح أستاذنا السلامي - أما في مجال التمويل فهذا العنصر الجديد الذي دخل في فوائد هذا العقد، والذي يمكن أن يكون في الواقع من أدوات التمويل الرئيسية في البنوك الإسلامية، وشكرا.