للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) التطابق بين بيع الوفاء والرهن من وجوه:

قلنا إن الشبه بين بيع الوفاء والرهن هو أقوى المشابه الثلاثة فيه. فهناك تطابق في معظم الأحكام بينهما، ويتجلى هذا التطابق من الوجوه التالية:

١- عدم ملكية المشتري لعين المبيع. فقد بينا قبلًا أنهم إنما أعطوه من أحكام البيع الصحيح ملكية المنافع لا ملكية العين. فالعين باقية على ملك البائع.

٢- عدم جواز تصرف كل من الطرفين البائع والمشتري في عين المبيع بالوفاء تصرف الملاك في أملاكهم من بيع واستهلاك ورهن ونحوه مما يقطع إمكان التراد [ر: المجلة م ٣٩٧ وشرح الباز] .

٣- إذا هلك المبيع بالوفاء عند المشتري قضاء وقدرًا دون تعد منه ولا تقصير كان ضامنًا له ضمان الرهن: فإذا كان الثمن مساويًا لقيمته سقط الثمن كله بهلاك المال المرهون فيه. وإذا كانت قيمة المبيع أكثر سقط الثمن كله بالضمان، ويهلك باقي المبيع على حكم الأمانة فلا يضمنه المشتري. وإذا كان الثمن المدفوع أكثر من قيمة المبيع سقط من الثمن ما يعادل قيمة المبيع، وللمشتري أن يطالب البائع بالقدر الزائد من الثمن. [ر: المجلة م٣٩٩ - ٤٠١] .

٤- للمشتري حق احتباس المبيع لاستيفاء الثمن (كحق المرتهن في حبس المرهون) . وهذا الحق هو حق عيني (متعلق بعين المبيع) فللمشتري فيه امتياز (أولوية التقدم على سائر غرماء البائع في الاستيفاء) إذا أفلس البائع أو مات وتركته مستغرقة بالديون. [ر: المجلة م٤٠٣] .

٥- العقار المبيع لا يؤخذ من مشتريه بالشفعة (كما لا يؤخذ المرهون بها) ، لما تقدم أن المشتري بالوفاء لا يملك رقبة المبيع بل منافعه فقط، فالمبيع باق على ملك البائع.

٦- إذا احتاج العقار المبيع بالوفاء إلى التعمير والترميم لأجل صيانته فنفقة ذلك على البائع. [ر: جامع الفصولين بحاشية الخير الرملي أوائل الفصل الثامن عشر؛ ورد المحتار ودرر الحكام شرح غرر الأحكام آخر كتاب البيوع] .

وهذه الأحكام المتطابقة مع الرهن أقرها أصحاب القول الجامع الذي استقرت عليه فتوى المتأخرين من فقهاء الحنفية مستمدة من شبهه بالرهن في جملة مشابهه الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>