وهنا يجدر التنبيه إلى خطأ وقع فيه بعض شراح المجلة في هذا المقام. فقد نصت المادة ٣٩٨ من المجلة على أنه:
((إذا شرط في بيع الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري صح ذلك)) .
وصياغة هذه المادة بهذه الصورة توهم أنه إذا لم يشرط شيء من منافع المبيع بالوفاء للمشتري فلا شيء له. وهذا ما فهمه شارحها الأستاذ سليم رستم الباز، فقال شارحًا هذه المادة:(وإن لم يشترط ذلك فليس للمشتري أن ينتفع بالمبيع لأنه في يده كالرهن في يد المرتهن لا يملكه ولا يطلق له الانتفاع به إلا بإذن مالكه، وهو ضامن لما أكل من ثمره، واستهلك من شجره. ولا فرق بين بيع الوفاء والرهن في حكم من الأحكام. ولهذا لا يؤخذ المبيع وفاء بالشفعة ... ) .
ثم نقل عن جامع الفصولين والخيرية أنه:(لو آجر المشتري المبيع (بالوفاء) وقبض أجرته واستهلكها بدون إذن البائع لا يضمن) ، ولم ينتبه إلى هذا التناقض بين سابق كلامه ولاحقه. فإذا كان بيع الوفاء والرهن لا فرق بينهما في حكم من الأحكام - كما ذكره سابقًا - فلماذا إذا أكل المشتري شيئًا من ثمرة المبيع بالوفاء يضمن قيمته للبائع، وإذا آجره وأخذ أجرته واستهلكها بدون إذن البائع لا يضمن؟! ولماذا أيضًا يعقد للبيع بالوفاء باب مستقل ولا يكتفى بباب الرهن؟!
وتحقيق القضية أن بيع الوفاء اختلفت فيه آراء الفقهاء في أول الأمر عندما تعورف في بخارى وبلخ في القرن الخامس الهجري كما بيناه سابقًا. فمنهم من اعتبره رهنًا من كل وجه، ومنهم من اعتبره بيعًا فاسدًا بسبب شرط الإعادة المفسد، ومنهم من اعتبره بيعًا صحيحًا وأن شرط الإعادة فيه ملزم لأن المواعيد بصورة التعاليق تكون ملزمة عند الحنفية. [ر: المجلة م٨٤ وشروحها] .