أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول على عدم حل انتفاع المرتهن بالمرهون المركوب، أو المحلوب، أو الصالح للخدمة، إذا لم يأذن الراهن للمرتهن بالانتفاع مطلقًا، بالسنة والقياس:
أما السنة: فما رواه الشافعي والدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه)) .
ووجه الدلالة من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الغنم للراهن، والغرم عليه، ولا شك أن المنافع من غنمه، فلا يصح للمرتهن أن ينتفع بشيء منها بدون إذن مالكها بلا تفرقة بين مركوب ومحلوب وبين غيره.
ونوقش هذا الدليل من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن هذا الحديث مختلف في وصله، وإرساله، ووقفه، ورفعه، وهو مع هذا الاختلاف لا يقوى على معارضة ما رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة)) .
ودفع هذا الوجه بأن الوصل والرفع زيادة من الثقة، وهي مقبولة، والاختلاف فيها لا يمنع من صحة الاحتجاج بالحديث.
الوجه الثاني: أن هذا الحديث في سنده، عبد الله بن الأصم الأنطاكي، وله أحاديث منكرة، ذكرها ابن عدي في كتابه، ومنها هذا الحديث.
ودفع الوجه الثاني بأن هذا الحديث قد ورد من طرق أخرى ليس فيها هذا الراوي، وهذه الطرق حسنها علماء الحديث كما قال صاحب نصب الراية.