للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الوفاء عند الإمامية:

والملاحظ أنهم فرغوا عن كونه بيعًا وإنما ركزوا على شرط الخيار ولذلك بحثوه غالبًا في بحث (الخيارات) وفي مبحث خيار الشرط بالتحديد كما ذكره صاحب (الغنية) في أمثلة الشروط الجائزة.

فهو إذن بيع خالص تنتقل فيه العين بكل تبعاتها وحقوقها إلى المشتري والثمن بكل توابعه إلى البائع إلا أن هناك شرطًا للرد عند الرد يلتزم به الطرفان كما سيتوضح فيما يلي:

حكم بيع الوفاء وفق القواعد العامة:

وهو المنهج الذي يتبعه فقهاء الإمامية المتأخرون عندما يبحثون أي مسألة فإنهم يطرحونها أولًا على ضوء القواعد العامة فإذا كانت النتيجة إيجابية اعتبرت النصوص الواردة في هذا المورد الخاص تأكيدًا وتطبيقًا لتلك القواعد أما إذا كانت سلبية اعتبرت النصوص الخاصة استثناء، ولذا يؤخذ من الاستثناء خصوص ما تم القطع بخروجه عن القواعد العامة ويرجع في الباقي إليها، على تفصيلات دقيقة تراجع في مظانها.

وقد ذكرنا أنهم لم يناقشوا في كونه بيعًا تنطبق عليه كل صفات عقد البيع وبالتالي تشمله أدلة الوفاء بالعقود من هذه الجهة.

كما أنهم لم يروا في هذا الشرط أية مخالفة لمقتضى العقد بل هم لم يبحثوا هذه المسألة لوضوحها لديهم وإنما ركزوا على مسائله الفرعية فقط دون المساس بأصل المشروعية.

فهذا العلامة الشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر يقول: (وكذا يجوز اشتراط الخيار مدة معينة - لا مجهولة ولا مطلقة - بشرط أن يرد البائع فيها الثمن ويرتجع بالمبيع إن شاء إجماعًا في أصل المسألة ... ونصوصًا عمومًا وخصوصًا) (١) .

فهو يرى أن النصوص العامة وهي أساس من أسس مشروعية هذه القواعد تنسجم مع هذا البيع.

ويقول الشيخ العلامة الأنصاري: (والأصل فيه بعد العمومات المتقدمة في الشرط النصوص المستفيضة) (٢) والعبارة تحمل نفس المدلول.

ويقول الإمام الخميني عن هذا البيع: (وهو جائز إجمالًا بالأدلة العامة والخاصة بل عن التذكرة وغيرها الإجماع عليه) (٣) .


(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: ٢٣/٣٤.
(٢) كتاب المكاسب: ص٢٢٩.
(٣) البيع: ٢/٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>