الفرع الثالث
هل يسقط الخيار بإسقاطه بعد العقد وقبل تحقق الرد؟
يرى الشيخ الأنصاري ذلك وقد ذكرت لتوجيه هذا الرأي وجوه وتعبيرات:
الأول: أن تحقق العقد يعني تحقق سبب الخيار وهو كاف في صحة إسقاط الحق.
الثاني: أن المشروط له مالك للخيار قبل الرد ولو من حيث تملكه للرد الموجب له فله إسقاطه.
الثالث: أن الإسقاط هو على نحو الواجب المشروط (أي المعلق وجوبه على شيء دخيل في أصل ملاكه كالاستطاعة بالنسبة للحج) .
فيكون السقوط (وهو أثر الإسقاط) بعد تحقق الخيار بتحقق الرد.
ويزاد على هذا فيقال أن العلاقة بين الإسقاط والسقوط الاعتباريين ليست كمثلهما في الأمور التكوينية وهنا يرى العقلاء أن هناك وجودًا إنشائيًّا ممتدًّا للإسقاط يستمر حتى يتحقق الرد وبالتالي يتحقق الخيار فيتم بإسقاطه.
الرابع: أن البائع يملك الرد كحق من حقوقه فيصح له أن يسقط حق الرد فيسقط معه الخيار هذا بعض ما يمكن أن يؤيد به نفوذ الإسقاط وأداؤه للسقوط إلا أن الإمام يرد على كل هذه الوجوه.
أما الأول: فيقول فيه أن تحقق السبب وهو العقد لا يخرج الإسقاط عن كونه إسقاطًا لما هو غير حاصل.
وأما الثاني: فيرى فيه أنه صحيح من حيث الإمكان إلا أننا بحاجة لإثبات وجود سلوك عقلاني يقضي ببقاء مثل هذا الإسقاط حتى يتحقق موضوعه فينفذ، وأن يتوفر هذا السلوك في عصر المعصوم عليه السلام فيمضيه ولو بعدم الردع عنه وهو أمر مشكوك التحقق آنذاك.
وأما الثالث: فيقول فيه أنه ليس مالكًا إلا على سبيل التجوز وهو لا يكفي للإسقاط المنجز.
وأما الرابع: فيرى أن كونه من الحقوق دعوى بلا بينة ويكفي بقاء الخيار بعد الإسقاط للشك في تأثيره بل يستظهر أنه ليس من الحقوق.
هذا ما أفاده رحمه الله (١) .
(١) البيع: ٢/٢٣٥ - ٢٣٧.