للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الخامس

حكم التلف

والتلف قد يتعلق بالمبيع وقد يتعلق بالثمن، وهما أيضًا قد يقعان قبل الرد وأخرى بعد الرد فما هو حكم هذه الحالات؟

أما المبيع فإنه لو تلف قبل الرد أو بعده فهو من المشتري لأنه هو المالك عقديًّا في بيع صحيح ولذا فله نماؤه أيضًا ولكن هل يبقى الخيار؟

هناك من يرى بقاء الخيار للبائع فله أن يسترد المثل أو القيمة حينما يرد الثمن أو بدله.

وهناك من يرى سقوط الخيار باعتبار أن مصب هذا الخيار هو الإلزام بإعادة المبيع عند رد الثمن، والظاهر من هذا هو بقاء المبيع في هذا المورد فإذا تلف المبيع فلا معنى للخيار.

وهذا ما يحتمله الشيخ الأعظم في المكاسب (١) إلا أن الإمام يركز على خصوصية أخرى يختص بها بيع الخيار دون غيره (وهي معهودية رجوع نفس العين برد الثمن أم مثله فإن بيع الخيار بحسب النوع الذي يشذ خلافه إما يقع على المبيع الذي يكون لصاحبه علاقة (عاطفية) به بخصوصه بالثمن الذي هو محل احتياجه ليصرفه فيما يحتاج إليه فيبيع داره التي هي ظل رأسه وضيعته التي هي قرة عينه، وإنما يقدم على بيعها بأقل من قيمتها لأجل العلم والاطمئنان بإمكان أداء الثمن واسترجاعها ولو كان نظره إلى ماليتها لا إلى عينها لما باعها إلا بثمن المثل لتحصيل ماليتها الواقعية ولم يكن وجه لبيعها بالشرط) (٢) .

والروايات المذكورة واضحة في هذا المورد كقول البائع في رواية إسحاق: (أبيعك داري هذه وتكون لك أحب إلى من أن تكون لغيرك) .

وعليه فالمراد بالدار هو خصوصها لا ماليتها.

والظاهر أنه رأي قوي لا يمكن العدول عنه ولولا هذه الخصوصية لقلنا هنا كسائر الخيارات برجوع العين بالفسخ ومع التلف يرجع إلى البدل.

هذا وقد ذكر أن التلف لو تم بعد رد الثمن فإنه سيكون مشمولًا لقاعدة (التلف في زمان الخيار ممن لا خيار له) والمشتري هنا لا خيار له فالتلف منه وحينئذ تنفسخ المعاملة ولا معنى حينئذ للخيار.


(١) المكاسب: ص٢٣١.
(٢) البيع: ٤/٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>