جاء في عناوين البحوث المطروحة هنا عنوان:(هل يجوز انتفاع الراهن أو المرتهن بالعين المرهونة) .
ونحن لا نرى مجالًا لهذا البحث في ذيل بحث بيع الوفاء بعد أن رأينا أن هناك فاصلًا كبيرًا بين العقدين فهنا بيع كامل وانتقال للثمن والمثمن إلى الطرفين وحينئذ فلكل منهما التصرف غير الناقل بما يملكه بل رأينا أن هناك من يجيز التصرف الناقل بعد فرض إمكان الفسخ والعودة إلى البائع الأول أو المالك الأول.
وما نود الإشارة إليه هنا أن المقصود من هذا البيع هو التصرف في الشيء المنتقل بهذا العقد وذلك في طرف الثمن أو المثمن فلا مجال في رأينا لمثل هذا البحث هنا.
وعلى هذا الغرار يعلم أيضًا أن لا محل للبحث في عنوان:(حكم اشتراط البائع الضمان من المشتري للوفاء ببيع الوفاء) .
الأمر الرابع:
الآثار الاقتصادية لبيع الوفاء:
نعتقد - على ضوء ما سبق - أن هذا العقد يمكنه أن يشكل سبيلًا شرعيًّا للتخلص من الربا وآثاره التخريبية فهو يحدث برغبة من كل من طرفي العقد في الانتفاع بما لدى الطرف الآخر. فالبائع بحاجة للتصرف في الثمن لسد حاجة من حاجاته من جهة فيتم العقد ولا يشعر حينئذ بأنه يدفع شيئًا لقاء حصوله على الثمن ثم هو يحتاط كثيرًا في تصرفه لئلا يفقد ما باعه ببيع الوفاء ليمكنه التسديد حين سعيه لرد العين، والمشتري بحاجة للاستفادة من العين المبيعة والانتفاع بمنافعها مع ضمان تام لعودة رأسماله المدفوع في المدة المشترطة بل لعله أيضًا يترقب استقرار البيع عليه عند انقضاء تلك المدة وهذا مما يشكل حافزًا قويًّا للإقدام على التعامل.
وهكذا نجد الدوافع متكافئة والإقدام طبيعيًّا على مثل هذا العقد دونما حاجة للولوج في الربا المحرم وعلى هذا فإن هذا العقد يمكنه أن يشكل أحد العقود التي يمكن للبنك اللاربوي أن يتعامل بها إلى جانب عقود المضاربة والمزارعة والمساقاة والشركة والإجارة بشرط التمليك وغيرها.
وكلما أمكننا أن نوسع من دائرة العقود المشروعة أمام البنك استطعنا أن نعطيه بل ونعطي المتعاملين معه الفرص الأكثر لاختيار البدائل الأفضل.