للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدخل إلى البحث

التعريف ببيع الوفاء عند الفقهاء إجمالًا

(أ) تعريف بيع الوفاء:

بيع الوفاء هو (أن يبيع شيئًا بكذا أو بدين عليه بشرط أن البائع متى رد الثمن إلى المشتري أو أداه الدين الذي له عليه يرد عليه العين المبيعة وفاء) (١) .

أو هو (أن يبيع المحتاج إلى النقود عقارًا على أنه متى وفَّى الثمن استرد العقار) (٢) .

أو هو (البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع) (٣) .

أو هو عند الحنفية قولهم: (متى جئتك بالثمن رددت إليَّ المبيع) (٤) .

وهو بعد عقد توثيقي (٥) في صورة بيع على أساس احتفاظ الطرفين بحق التراد في العوضين، فهو عقد مزيج من بيع ورهن لكن أحكام الرهن فيه هي الغالبة (٦) ، تردد بين كونه بيعًا أو رهنًا ثم استقر على هذا الاسم الخاص به، وهو من أقسام العقود غير المسماة شرعًا، ولم يرتب التشريع أحكامًا خاصة بها وإنما استحدثها الناس تبعًا للحاجة، ويفترق عن الرهن في غايته من حيث إن غاية الرهن توثيقية فقط، وغاية بيع الوفاء توثيق الدين وانتفاع المشتري الدائن بالعقار.

(ب) تاريخ استحداثه:

حدث هذا البيع ببخارى أواخر القرن الخامس الهجري، واستقر أخيرًا رأي الفقهاء فيه على أنه يشبه ثلاثة عقود؛ البيع الصحيح، والبيع الفاسد، والرهن، فأعطي من كل واحد من هذه العقود ما يناسب غايته من الأحكام، فهو في حكم البيع الجائز الصحيح بالنظر إلى انتفاع المشتري به، وفي حكم البيع الفاسد بالنظر إلى كون كل من الطرفين مقتدرًا على الفسخ، وفي حكم الرهن بالنظر إلى أن المشتري لا يقدر على بيعه من الغير والدليل على هذا التاريخ الذي ذكرناه لحدوث بيع الوفاء وحدده الأستاذ الزرقاء أن الإمام نجم الدين أبا حفص عمر بن محمد النسفي قال في فتاواه: (البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالًا للربا وسموه ((بيع الوفاء)) ، وهو في الحقيقة رهن) (٧) ، ونجم الدين النسفي ولادته سنة ٤٦١هـ ووفاته ٥٣٧هـ، فبيع الوفاء تجري فيه أحكام عقود عديدة أبرزها أحكام الرهن (٨) .

وقد استحدث بيع الوفاء إلى جانب الرهن على أساس أن يستحق المشتري فيه منافع المبيع بمقتضى العقد على خلاف حكم الرهن، وأخيرًا جاء القانون المدني السوري سنة ١٩٤٩م فمنع بيع الوفاء وعده باطلًا استغناء عنه بالرهن (٩) .


(١) مرشد الحيران، مادة ٥٦١: ص١٤١.
(٢) رد المحتار: ٤/٢٥٧؛ والمجلة في المواد: ٣٩٦ - ٤٠٣.
(٣) المجلة بشرحها، لباز مادة ١١٨: ص٥٩.
(٤) رد المحتار على الدر والفقه الإسلامي وأدلته: ٤/٢٤٣ و ٤٨٥.
(٥) انظر تفصيل ذلك في المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء: ١/٥٤٤.
(٦) انظر تفصيل ذلك في المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء: ١/٥٤٤.
(٧) انظر آخر البيوع من كتاب الدرر.
(٨) المدخل الفقهي العام: ١/٢٠٥؛ حاشية الصفحة، وانظر شرح مجلة الأحكام العدلية، لسليم رستم باز طبعة ثانية سنة ١٨٩٨م.
(٩) انظر المدخل الفقهي: ١/٥٥٥ وما بعدها؛ والقانون المدني السوري م٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>