للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) مجمل قواعد بيع الوفاء عند الحنفية:

١- اختلف الحنفية في انتفاع المشتري بالمبيع على تيارين اثنين في المذهب؛ فقالوا أولًا: لا يجوز للمشتري وفاء أن ينتفع بالمبيع إلا بإذن البائع ويضمن ما أكله بغير إذنه من ثمرة أو ما أتلفه من شجرة، وهذا قول بعض المتقدمين من علماء المذهب، والذي رجحه المتأخرون وعليه الفتوى تمليك المشتري المنافع دون حاجة إلى إذن البائع بل بحكم العقد (١) .

٢- لا يجوز للبائع أو المشتري أن يبيع العين المبيعة وفاء لشخص آخر، فلو باعها البائع لآخر بيعًا باتًّا توقف البيع على إجازة مشتريها وفاء، ولو باعها المشتري فللبائع أو ورثته حق استردادها، ويكون للمشتري إعادة يده عليها حتى يستوفي دينه.

٣- إذا قبض المشتري المبيع وفاء بعدما دفع الثمن للبائع وتوافق البائع مع المشتري على أن يرد له المبيع إذا رد له نظير الثمن في وقت كذا، ثم جاء الوقت وامتنع البائع من رد نظير الثمن للمشتري يؤمر البائع ببيع المبيع وقضاء الدين من ثمنه، فإذا امتنع باع الحاكم عليه.

٤- إذا هلك المبيع وفاء وكانت قيمته مساوية للدين المطلوب من البائع سقط الدين في مقابلته، وإن كانت قيمته أقل من الدين المطلوب سقط من الدين بقدر قيمته واسترد المشتري الباقي من البائع.

٥- إذا هلك المبيع وفاء في يد المشتري وكانت قيمته زائدة عن مقدار الدين سقط من قيمته قدر ما يقابل الدين، وضمن المشتري الزيادة إن كان هلاك المبيع بتعديه، وإن كان بدون تعديه فلا تلزم الزيادة.

٦- إذا مات أحد المتبايعين وفاء تقوم ورثته مقامه في أحكام الوفاء.

٧- ليس لسائر الغرماء أن يزاحموا المشتري في المبيع وفاء حتى يستوفي دينه من المبيع (٢) .

فهو إذن عقد مزيج من بيع ورهن لكن أحكام الرهن فيه هي الغالبة:

١- ففيه من معنى البيع أحكام أهمها: أن المشتري بالوفاء يملك بمقتضى العقد منافع الشيء المبيع وفاءً، فله أن ينتفع به بنفسه، وأن يستغله بإيجاره للبائع ذاته أو لغيره، بخلاف الرهن كما هو معلوم.

٢- وفيه من معاني الرهن كثير قد تصل إلى ستة معان تُنظَر في مظانها (٣) فالمبيع والثمن في بيع الوفاء لهما حكم المرهون والدين المرهون فيه، لا حكم المبيع والثمن حقيقة (٤) .


(١) هو القول الجامع وعليه علامة الفتوى في المذهب؛ انظر رد المحتار: ٤/٢٤٧، طبعة بولاق سنة ١٢٧٢هـ آخر كتاب البيوع.
(٢) انظر مرشد الحيران: ص١٤١ وما بعدها، والمواد من ٥٦١ إلى ٥٦٨.
(٣) انظر المدخل الفقهي العام: ١/٥٥٤ ف ٢٧٤.
(٤) وانظر كذلك كتابنا (نظرية الاستحسان في التشريع الإسلامي وصلتها بالمصالح المرسلة) طبعة دار دمشق في مواطن متعددة.

<<  <  ج: ص:  >  >>