وأما حالة الانتفاع من بيع الوفاء بشكل غير مباشر وذلك بوجود وسيط، فذلك فيما أرى يمكن أن يكون بأحد طريقين:
١- طريق وساطة المصرف شريطة أن يكون مصرفًا لا ربويًا، فيكون بذلك هذا المصرف وسيطًا بين طرفي التعامل بحيث يكون المصرف راهنًا لطرف ومرتهنًا لطرف آخر، ويبايع بالوفاء مع الطرفين كلًّا على حدة، بحيث يربح المصرف ربحًا مشروعًا دون ربط الثمن بنسبة مئوية من الفائدة، وهذا يحتاج إلى بحث جديد وإعادة نظر، وصياغة جديدة لهذا النوع من التعامل على ضوء الشريعة الإسلامية بعيدًا كل البعد عن درك دمار منزلقات الربا في هذا العصر، وشبهات الربا وآفاته.
٢- وهنالك طريق وساطة آخر توصلت إليه بعد تفكير طويل أرجو أن أكون قد وفقت فيه إلى الصواب، وذلك عن طريق وساطة الجمعيات السكنية.
فالمعروف أن العالم بعامة، والبلاد الإسلامية بخاصة تمُّر بأزمات إسكان خانقة نتيجة للانفجار السكاني الرهيب، وأن هذا يتطلب بل يقتضي التفكير من الفقهاء في إيجاد حلول مناسبة لهذا العصر، ولا سيما وقد انتشرت وفشت فكرة الجمعيات السكنية، فلا مانع من استخدام هذه الفكرة الاقتصادية وتطهيرها من أوضار الربا، ثم صياغتها على أساس من بيع الوفاء الذي قال به الحنفية وفقهاء آخرون، بحيث تكون الجمعية السكنية وسيطًا بين البائع والمشتري كما كان الوسيط المصرفي اللاربوي كما مر آنفًا.
وفي الختام أنوه بأن بيع الوفاء وجه من وجوه الرهن وله به شبه كبير، وقد أجاز بعض الفقهاء رهن الوثائق وما شاكل ذلك وشابهه.
أقول:
إذا كنا نحن المسلمين نحتاج اليوم إلى مئات من الصيغ والعقود المشروعة، فلماذا يُلغي بعض الفقهاء المعاصرين ورجال القانون هذا النوع من الصياغة الفقهية الدقيقة لعقد من العقود معترف به أجازه الفقهاء لعموم البلوى في عصر كانت الحاجة إليه وإلى أمثاله من العقود أقل من الحاجة إليه اليوم، اللهم هل بلَّغتُ؟ اللهم فاشهد ...