للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فقد جرى الحديث بين الدارسين والباحثين حول بيع الوفاء في جلسة من جلسات الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل بالكويت ١٤١٠هـ. وكان الكلام في ذلك عند الحديث عن خيار النقد وتطبيقاته في معاملات المصارف الإسلامية، ورأيت من قبل من كتبوا في هذا الموضوع مختلفة آراؤهم متباينة وجهاتهم (١) وخاصة في الأخذ به وتطبيقه في هذا العصر (٢) . كما رأيت طائفة من القوانين المدنية الوضعية قد فصلت القول فيه مقرَّة له ابتداء ثم ألغته كما ذكر ذلك السنهوري في الوسيط (٣) ومجلة العقود والالتزامات التونسية (٤) فذكرت بكل ذلك عمل أحد أعلام الفقه الحنفي بتونس من رجال القرن الثالث عشر. وحين تقرر بحث هذا الموضوع بمحاوره الثلاثة: - تعريفه، المقارنة بين بيع الوفاء وعقد الرهن، الصور التي يمكن للاقتصاد الإسلامي أن ينتفع بها من بيع الوفاء - في المؤتمر السابع لمجمع الفقه الإسلامي بجدة، عزمت أن أضع بين أيدي الزملاء وثيقة في هذا الموضوع تتمثل في تقديم وتحقيق الرسالة الوفائية لشيخ الإسلام محمد بيرم الثاني الموسومة بالوفاء ببيع الوفاء. وقد كان كتبها رحمه الله لبيان موضوع بيع الوفاء، وذكر آراء الأئمة فيه، وتفصيل ما يترتب على القول به عند الحنفية من التزام بأحكامه وأخذ بها.

وإني أرجو أن أكون بهذا العمل قد وفقت لعرض صورة متكاملة من آراء الأئمة في هذا النوع من المعاملات الذي اشتهر من القرن الخامس ببخارى وسمرقند، وفشا العمل به لحاجة الناس إليه في كثير من البلاد بأطراف العالم الإسلامي. وهكذا ضبطت أحكامه وصدرت الفتاوى في نوازله عن شيوخ من أعلام الفقه المتقدمين.

ولعل في هذا الجهد المتواضع ما يكون به بعض الإسهام في خدمة الفقه المعاصر فينفع الله به طلاب المعرفة من المشتغلين بالدراسات الإسلامية وعلوم الشريعة الغراء. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

محمد الحبيب ابن الخوج


(١) أصحاب المذاهب الفقهية في القديم والحديث، منهم من اتفق على منعه كالمالكية والحنابلة والظاهرية، ومنهم من أجازه كمتأخري الحنفية والشافعية والإمامية.
(٢) مثل محمد يوسف موسى وعلي الخفيف.
(٣) السنهوري، الوسيط: ٤/١٤٢ - ١٧٠.
(٤) الكتاب الثاني في العقود وشبهها: الباب الثالث، القسم الأول، بيع الثنيا: ١٢٧ - ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>