للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاد التونسية

من بداية القرن الثاني عشر

إلى منتصف القرن الثالث عشر

انقرضت الدولة المرادية بتونس بفتك إبراهيم الشريف باي بآخر رجالها ومساعدة الجند له على ذلك ١١١٣. ولم يكن مصير الوالي الجديد، رغم تقلده منصب الباشوية الذي وافاه به وكيله محمد بن سليمان ١١١٥ من الدولة العثمانية، بأحسن حالًا من مصير مراد باي الثالث بن علي بن حموده باشا. فقد أُسِرَ وقُتِلَ، واجتمع الناس من بعده على كاهيته حسين بن علي تركي الذي سبق له أن تقلد في عهد المراديين الولايات الجليلة، وتسنم الخطط الرفيعة مثل خطة خزندار، وكاهية الخلافة، وولاية الأعراض والجريد ونحوها، واختاروه أميرًا عليهم، وتمت له البيعة في ربيع الأول ١١١٧.

وهكذا تكونت الدولة الحسينية "بالإيالة" الولاية التونسية مرتبطة بالدولة العثمانية ومنفصلة عنها، تكتسب قوتها ومنعتها من مجادة الأمير الحاكم وألمعيته، ومن حصافة رجال "المخزن" الدولة وحذقهم، ومن جلالة أهل العلم ومهابتهم، ومن تعالق الرعية بالعرش والتفافها حوله. وهذه المعاني، وإن تحقق وجودها وطمع الخاص والعام في استقرارها واطرادها، كانت تلمع وتخبو وتقوى وتضعف بحسب الظروف التي مرت بها البلاد التونسية والأحوال التي خضعت لها في هذه الأثناء.

فمن ذلك الهجومات العدائية من الخارج من خصوم الأمير حسين بن علي والمناوئين له مثل داي الجزائر، وقد مكنه الله من الظفر، ونصره عليهم في لقاءاته المتكررة بهم ومعاركه معهم (١) .

ومنها الفتن الداخلية التي أشعل أوارها وألهب نارها الداي محمد خوجه الأصغر (٢) والدعي سليمان (٣) ودعي المراديين محمد بن مصطفى ابن فطيمة (٤) ثم ما كان من ثورة الأعراب (٥) ومن خروج الباشا علي بن محمد تركي ربيب الأمير حسين وصهره وابن أخيه الذي كان حظيًّا عنده وأثيرًا لديه (٦) .


(١) السراج، الحلل السندسية: ٣/٢٣ - ٣٣.
(٢) السراج، الحلل السندسية: ٣/٦٠ - ٦٣.
(٣) السراج، الحلل السندسية: ٣/٢٣٢ و ٢٣٣.
(٤) السراج، الحلل السندسية: ٣/٢٥٧ - ٢٧١.
(٥) السراج، الحلل السندسية: ٣/٢٧٢ - ٢٧٣.
(٦) مخلوف، شجرة النور: ٢/١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>