للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وبعد هذا فعندي في نزع المالك هذه اليد إشكال قوي. وذلك أنه لا يكون إلا بالحكم، وهو يستدعي الخصومة لا محالة، وهي منتفية هنا. وذلك لأن ذا اليد لا يدعي في هذا البيع ملكًا لنفسه، وإنما يدعي فيه حقًّا بشرائه له وفاء من الغائب. وأطبقوا على أن من هو كذلك لا تسمع عليه دعوى

[٣٧٨] حق ولا ملك. وإذا لم تسمع لا يتمكن المالك من إثباتها بالبينة لقيامها على غير خصم، ولئن اعترف له ذو اليد (١) ، وبيعه للغائب وفاء وأريد القضاء باعترافه لم يصح لما فيه من إبطال حق الغائب، لأنه لما قال: شريته وفاء من الغائب، فقد اعترف للغائب باليد، والأصل فيها كونها يد ملك. فقوله: إنها ليست بها وإنما يد الملك لهذا الحاضر، إقرار على الغائب. فكيف يصح؟ فتأمل] (٢) .

فإن قلت هل لهذا المشتري [بالتولية] (٣) أن يطالب البائع الأول بالمال الذي قبضه من المشتري الأول ليأخذ منه ما دفعه هو لذلك المشتري من ثمن التولية؟ إما من حيث إن للمشتري الأول هاته المطالبة، وهو بالتولية قد قام مقامه وتنزل منزلته، أو من حيث إن الأول (٤) غريم للثاني، والثاني غريم له (٥) ، وغريم الغريم غريم.

قلت: لا، إذ لا نسلم أن المشتري الأول، لو كان حاضرًا، له تلك المطالبة. لأن العقد قائم لم يفسخ بعد. (لا يصير مال الوفاء دينًا في ذمة البائع إلا بعد فسخ الوفاء) وما لم يفسخ لا يثبت مال الوفاء دينًا للمشتري بذمة البائع. وإنما يصير كذلك بعد الفسخ (٦) . (لا تصح الكفالة بمال الوفاء منجزة) ولهذا لا تصح الكفالة به منجزة، وإنما تصح مضافة إلى الوقت المذكور (٧) .


(١) بالملك. ب.
(٢) الفقرة ساقطة من الخوجية.
(٣) كلمة بالتولية ساقطة من ج.
(٤) لعله أدرك الراهن الأول ج.
(٥) قوله له أي للثالث. ج، وهو المشتري الأخير. ب.
(٦) هذا معنى قول العمادي في الصلح: (إن المال لم يجب بعد على البائع وإنما يجب بعد الفسخ) . العمادية: ١٠٧ ب، وقوله بعد ذلك: (إن مال الوفاء ليس بثابت في ذمة البائع ما دام بيع الوفاء قائمًا (أي باقيًا) . العمادية: وسط ١٠٨ أ؛ الجامع: ١/٢٤٣.
(٧) الكفالة بمال الوفاء تصح مضافًا لا في الحال، إذ المال يجب على البائع بعد الفسخ لا في الحال. كذا في فوائد صدر الإسلام طاهر بن محمود. الجامع: ١/٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>