للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

(زراعته الأرض) في زراعة المشتري وفاء الأرض التي عقد الوفاء عليها

وتتعلق بها مسألتان كلتاهما فيما بعد التفاسخ في عقده.

(الفسخ في الأرض زرع لمشتري الوفاء) أولاهما فيما إذا تفاسخا بعد الزراعة إلا أن الزرع لم يدرك بعد بل هو بقل. فهل يكلف المشتري قلعه من الأرض ليسلمها لربها، أم لا ويبقى فيها إلى إدراكه بأجر المثل للأرض؟

وثانيتهما فيما إذا تفاسخا قبل الزراعة بعدما كَرَب المشتري الأرض ليزرعها فمنعه البائع من زراعتها بعد الفسخ، فهل له أن يضمنه فيمة كرابه أم لا؟

أما الأولى، فمنهم من فصل بين كون الفسخ بطلب المشتري، فلا يبقى زرعه بل يقلع لأنه مختار

[٣٨٠] في طلب الفسخ. إذ يمكنه تأخيره إلى وقت الإدراك. فلما لم يؤخره إليه، يكون راضيًا بالقلع. فلا ينظر له بالإبقاء. وهو لم ينظر لنفسه بتأخير طلبه.

وبين كونه بطلب البائع فيبقى له لأنه مضطر في هذا الفسخ إذ لا يمكنه الامتناع منه، فلا يمكن جعله مع عدم الاختيار راضيًا بالفسخ، وليس في هذا الإبقاء كبير ضرر بالبائع لأنه لا يبقى في أرضه مجانًا بل بأجر المثل، فكان فيه (١) نظر للجانبين (٢) .

ومنهم من أطلق القول بالإبقاء للإدراك، بأجر المثل في الصورتين (٣) ، ولم يجعل لطلبه الفسخ أثرًا في منع إبقاء زرعه، تنظيرًا بمسألة المزارعة التي أخر فيها المزارع الزراعة لآخر السنة حتى مضت مدتها والزرع بقل حيث حكموا بإبقاء زرعه بأجر المثل، ولم يأمروا بقلعه باعتبار جعله راضيًا به حيث أخر الزراعة اختيارًا (٤) .

(إذا تفاسخا بعدما كرب المشتري الأرض) وأما الثانية فذكر في الفصول: (أنها واقعة الفتوى. وصورها فيما إذا أدى البائع مال الوفاء من غير طلب المشتري وقال:

وعلي قياس مسألة المزارعة، يعني التي أخر فيها المزارع الزراعة لآخر السنة وأبقى له فيها زرعه بأجر المثل، ينبغي أن يجب (٥) . وهكذا أفتيت بأنه يجب) .


(١) أي في إبقائه بأجر المثل. ب.
(٢) انظر نقلًا من الذخيرة. الجامع: ١/٢٤١؛ وورد ملخصًا من فوائد شيخ الإسلام برهان الدين: (باع أرض وفاء فزرعه المشتري ثم أدى إليه البائع مال الوفاء حتى انفسخ البيع والزرع بقل؟ أجاب بعضهم بأنه لو أدى بطلب المشتري يجبر على تفريغ الأرض لا لو أداه بلا طلبه بل يترك في يده بأجر مثله) . العمادية: آخر ١٠٧ ب.
(٣) ولو قيل يترك في يده بأجر مثله في الوصفين فله وجه. البنشانجي: أسفل ٧٤ ب. وذكر العمادي القول الأخير المطلق بالإبقاء للإدراك بأجر المثل في الصورتين قائلًا: (ولو قيل بأنه تترك في يده بأجر المثل في كلا الوجهين فلعله وجه. فقد ذكر في الفصل الثامن من الذخيرة) . العمادية: آخر ١٠٧ ب.
(٤) العمادية: آخر ١٠٧ ب.
(٥) أي على البائع للمشتري أجر كرابه. ب؛ أورد العمادي مسألة الفتوى بعنوان مشتري الوفاء كرب الأرض لتزرع يبذره فأوفاه المال. العمادية: أول ١٠٩ أ؛ الجامع: ١/٢٤٤؛ الطرابلسي: ١٤٨ - ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>