للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما لم أفهم كون قياس إبقاء الزرع بأجر المثل في تلك المسألة هو إيجاب قيمة الكراب في هذه، وأين وأين! وليس في مسألة المزارعة إلا عقد إجارة حكمية في الأرض لعذر دفع الضرر عن المشتري بقلع زرعه الذي كان أصل وضعه في أرض البائع بحق. وهذا ليس ببدع في الإجارة لأنها كما تفسخ بالعذر تعقد جبرًا به.

وأما مسألة الكراب ففيها تقويم عمل المشتري

[٣٨١] الذي عمله لنفسه على البائع من غير عقد ولا دلالة حال (١) . ومنعه من الزراعة بعد الفسخ منع بحق فلا يصلح سببًا للضمان. [وأيضًا فهذا ضمان منفعة والمنافع على أصلها لا تقوم لها حتى لا تضمن بالغصب. أفترى لا يضمنها الغاصب ويضمنها مالك الأرض! ولا يهولنك تصريح البزازي في فتاواه بالضمان، إذ قال: (كرب المشتري وفاء أرض الوفاء للزراعة وأدى البائع مال الوفاء وفسخ البيع، للمشتري أن يطالب من البائع أجرة الكرب إذا كان النقد بلا طلب المشتري) (٢) لأن ما ذكرناه وارد عليه وروده على صاحب الفصول] (٣) .

فالذي يقتضيه النظر عدم إيجاب قيمة هذا الكراب على البائع للمشتري (٤) . نعم ينبغي أن يرضيه (٥) فيه بشيء. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) قوله ولا دلالة حال. كتب الشيخ أحمد ابن الخوجة الثاني رحمه الله ما نصه: (عندي بعض توقف من حيث إن عقدة بيع الوفاء قائمة (أي وقت الكراب) وذلك يتضمن الإذن بوجوه الانتفاع ومنه كرب الأرض الذي هو مقدمة الزراعة) . اهـ. ج، ر.
(٢) انظر البزازية: ٤/٤٢٢.
(٣) ساقط من ج، و.
(٤) اعرف أن الذي يقتضيه النظر عدم إيجاب قيمة كراب مشتري الوفاء على البائع بعد الفسخ. وعلى هذا عملنا. ب.
(٥) نص ابن عابدين فيما إذا امتنع رب الأرض من المصير في المساقاة وقد كرب العامل في الأرض وأنه يسترضيه ديانة. أي يرضي صاحب الكراب بشيء. وذكر الشارح بأن يفتي بأن له فيه أجر مثله لغرره على أن الاسترضاء بأجر المثل موافق لما في التبيين. الدر المختار ورد المحتار. كتاب المزارعة: ٥/١٧٧. ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>