للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا تنافي بينهما لأن ما ذكرته من كونها بتمامها للمشتري فيما إذا كانت الإجارة للأجنبي. وما ذكره من كون المشتري ليس له إلا أجرة ما قبل وقت الفسخ فيما إذا كانت الإجارة للبائع على القول بجوازها، لأنه بعد أن قال: وهذا يعني عدم جواز الإجارة من البائع على قول من قال بالفساد (١) ، وعلى قول من أجازه (٢) صح الإجارة من البائع وغيره، وتكون الأجرة له، وغلة الكرم على ما شرطا، ألصق به قوله: (ولو مضى بعض المدة إلى آخره) . فلا يشك أن معناه ولو مضى بعض المدة في صورة الإجارة للبائع المتكلم فيها.

وإنما (٣) افترق الصورتان في هذا الحكم لأنه مما لا تشكيك فيه أن لزوم الأجر على المستأجر يدور مع عقد الإجارة، يثبت بقيامه وينتفي بفسخه. وعقدها هنا يدور مع عقد الوفاء كذلك، ضرورة أن المشتري لم تثبت له ولاية عقد الإجارة على المبيع للبائع أو لغيره إلا بسببه، وإلا فما له ولعقدها على ملك غيره؟ غير أن الوفاء في صورة عقد الإجارة مع الأجنبي، وإن انفسخ في حق البائع والمشتري - بفسخهما لولايتهما على أنفسهما - لا ينفسخ في حق المستأجر لعدم ولايتهما عليه، فيبقى قائمًا بالنسبة إليه كأن لم يطرقه فسخ. وبقيامه بالنظر إليه يبقى عقد إجارته على قيامه، وبقيامه تلزمه الأجرة، وإذا لزمته تكون لعاقد الإجارة على ما مر، ولا عاقد لها إلا المشتري، فتكون له لا محالة.

وأما في صورة عقدها مع البائع، فلما انفسخ الوفاء بفسخهما انفسخت الإجارة في ضمنه لكون الحق لا يعدوهما، إذ كما أنهما عاقدا الوفاء هما عاقدا

[٣٨٦] الإجارة، وإذا افنسخت إجارة البائع لم تبق أجرة حتى يقال لمن تكون؟ وليس معنى قول العمادي: (فيجب الأجر بحسب ما مضى) أن الماضي يكون للمشتري وما بعد الفسخ للبائع، إذ البائع هنا هو المستأجر الساكن، فلا معنى لإيجاب الأجر عليه لنفسه، وإنما معناه أن لا يجب للمشتري أجر المدة كلها نظرًا لأنه عقد الإجارة عليها حتى يأخذ من البائع أجر المدة اللاحقة كما أخذ منه أجر السابقة وإنما له أجر المدة الماضية فحسب.


(١) أي بأنه بيع فاسد. ب.
(٢) أي جعل الوفاء بيعًا باتَّا. ب.
(٣) وإن افترق في ب، ر؛ إنما في ج، ص، و.

<<  <  ج: ص:  >  >>