للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الثانية وهي مسألة إجارته للبائع فلا يخفى أنها تصح على القول بأن الوفاء بيع صحيح بات لخروج المبيع به عن ملك البائع فلا يلزم محذور أنه استأجر ملك نفسه لأنه حينئذ استأجر ملك غيره وهو المشتري لدخوله في ملكه، ولا تصح على كل واحد من الأقوال الأربعة الباقية لعدم خروج المبيع عن ملكه في جميعها:

أما على القول بأنه رهن فواضح.

وأما على القول بأنه بيع فاسد فلتعلق حقه بفسخه، ولهذا لا تثبت فيه شفعة حتى يلزم، فتحقق ما يقطع حق مالكه عنه، لأن ثبوتها منوط بخروج المبيع عن ملك البائع، يثبت بثبوته وينتفي بانتفائه. وأيضًا فقالوا: إن رده على المالك مستحق له شرعًا رفعًا للفساد. والرد المستحق بجهة إذا وقع على غيرها لا يقع إلا عنها، فلا يقع رده عليه بجهة الإجارة حتى يقال بصحتها (١) .

وهكذا يقال فيه على القول بأنه بيع جائز غير لازم للزوم الوفاء بوعد الرد، لأن لزوم الوفاء به يستلزم وجوب رده على مالكه فيكون مستحقًّا له على المشتري، فلا يقع إلا على ذلك الوجه.

وأما على القول بالتركيب

[٣٨٧] فلأنه سبق أن قائله يعتبره في حق البائع رهنًا، (عدم صحة الإجارة للبائع على القول بالتركيب أيضًا) والكلام هنا في حقه، وهو أنه هل يصح استئجاره حتى تلزمه الأجرة أم لا؟ ومتى اعتبره رهنًا في حقه لزم أن يقول بعدم صحة استئجاره، إذ لا يصح استئجار الراهن الرهن من المرتهن؛ وكونه يعتبره في حق المشتري بيعًا باتًّا وإن اقتضى جواز إيجاره والانتفاع بأجرته فإنما يقتضي جواز إيجاره إيجارًا صحيحًا، وهذا فاسد لوجود المنافي له، وهو كونه مملوكًا لهذا المستأجر. فيكون مستأجرًا ملك نفسه. فلا تكون من مقتضياته (٢) كغيره من الإجارات الفاسدة. وجواز إجارته للأجنبي كاف في تحقق جواز إيجاره للمشتري وانتفاعه بأجرته؛ ولو كان القائل بالتركيب يقول بجواز إجارته للبائع لكان قائلًا باعتباره بيعًا في حق البائع أيضًا، وهو لا يقول به (٣) .


(١) وهذا ما صرح به العمادي من قوله: (والحكم في البيع الفاسد أن المستحق بجهة لا يقع إلا عن تلك الجهة وإن أوقعه الموقع بجهة أخرى) . العمادية: أول ١٠٥ ب؛ الجامع: ١/٢٣٩.
(٢) فلا تكون الإجارة للمالك من مقتضياته أي هذا العقد. ب.
(٣) انظر ما ورد في الخيرية بشأن الصور كلها وما نقله صاحبها من البزازية. الرملي: ١/٢٢٦ - ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>