للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: هذا معارض بأنه لو كان يقول بعدم جوازها لكان قائلًا باعتباره رهنًا في حق المشتري أيضًا، وهو لا يقول به.

قلت: لا ضير في ذلك، إذ لا كلام في أن الأصل في هذا العقد كونه رهنًا في حق الكل، (اعتبار بيع الوفاء في حق المشتري على خلاف الأصل بيعًا لضرورة تحليل الانتفاع) وما اعتبر في حق المشتري بيعًا على خلاف الأصل إلا لضرورة تحليل منافعه له. والثابت بالضرورة يتقدر بقدر ما تندفع الضرورة به، وهي تندفع بتجويز إجارته من الأجنبي، ولا يتوقف اندفاعها على تعميم الجواز في الإجارة من كل أحد، فلا يثبت هذا التعميم بلا ضرورة إليه، إذ لو ثبت بدونها ما صدق أنه ثبت للضرورة. وهذا كما قالوه في المقتضى: إنه لثبوته للضرورة (١) لا عموم له، مع أنه قد تعارض هنا جهتا الحظر والإباحة، لأنه إن نظر في هذا الاستئجار لجانب المشتري من كونه بيعًا بالنظر إليه اقتضى إباحته، وإن لوحظت فيه جهة البائع وهي كونه رهنًا بالنسبة إليه

[٣٨٨] اقتضى حظره. والعقد الواحد لا يمكن اتصافه بالضدين (٢) ، والمعروف في مثله تقديم جهة الحظر على الإباحة. وهذا ظاهر جدًّا. ولعلهم اكتفوا بظهور المنع فيه عن أن يبينوه كما بينوه (٣) على غير هذا القول مما عدا القول بأنه بيع بات. وليس في تقريرهم مذهب التركيب بقولهم يعتبر بيعًا في حق المشتري حتى ينتفع به كسائر أملاكه، وقولهم إنه صحيح في بعض الأحكام كحل الإنزال (٤) ومنافع البيع، ولا في قولهم: وعلى قول من أجازه صح الإجارة من البائع وغيره، ما (٥) يفيد صحة الاستئجار من البائع على ذلك القول (٦) .


(١) بالضرورة. ب، وفي غيرها من النسخ للضرورة كما أثبتناه في الأصل.
(٢) تأمل. ج.
(٣) قوله: كما بينوه يعني إذ قالوا لا يصح الاستئجار من البائع على القول بأنه رهن، والقول بأنه بيع فاسد. ويصح على القول بأنه بيع بات صحيح، وسكتوا عنه على القول بأنه مركب من البيع والرهن، وأما على القول بأنه بيع جائز غير لازم، فهم وإن سكتوا عنه، عليه أيضًا لكن عدم الجواز عليه يفهم من نصهم عليه على القول بالفساد لاتحاد العلة، وهي كون الرد فيه مستحقًّا فلا يقع إلا على جهة الاستحقاق على ما نبهنا عليه. ج اهـ. منه ب، اهـ. كذا وجد. ر.
(٤) الثمرة. ب.
(٥) مما في ب، ر؛ ما في ج، ص، و.
(٦) أي القول بالتركيب. ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>