للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول والثاني فلأن المراد حيث يمكن ذلك، وقد عرفت عدم إمكان انتفاع المستأجر بهذا الاستئجار لعدم صحته بوجود ما ينافيها من كون المستأجر ملك المستأجر.

وأما الثالث فلأن القائل بالتركيب، ليس ممن أجازه، إذ المتبادر من هذا اللفظ من قال بجوازه مطلقًا في حق كل من البائع والمشتري في جميع الأحكام، والقائل بالتركيب لم يقل به كذلك، وإنما قال به مقيدًا بكونه في حق المشتري خاصة، و [مع ذلك] (١) لم يعممه بالنسبة إليه في جميع الأحكام، بل خصه ببعضها. (لا يجوز بيع الوفاء بيع وفاء ولا رهنه ولا إيداعه) ألا ترى أنه لا يجوز له بيعه لا باتًّا ولا وفاء ولا رهنه ولا إيداعه، مع أن ذلك كله مما ينتفع به في سائر أملاكه. فظهر من هذا ظهورًا لا تحوم حوله شائبة احتمال أن لا يصح إيجار المبيع وفاء من بائعه على ما عدا القول بأنه بيع بات من سائر الأقوال. (للبائع أن يحسب ما دفعه للمشتري من أجر كراء ملكه من مال الوفاء) وحينئذ فللبائع أن يحسب ما دفعه للمشتري من الأجر من مال الوفاء بلا إشكال.

واعلم أنه قد يعز على البائع الخروج من داره التي باعها وفاء، والمشتري

[٣٨٩] لا يرضى إلا بأن يؤجرها لينتفع بأجرتها (٢) ، واشتهر أن إيجارها من البائع غير صحيح وأخذ الأجرة منه لا يحل (٣) ، (حيلة توسط أجنبي بين المشتري والبائع في الإجارة) فيتحيلان لوجه يجمع بين حل أخذ المشتري لأجرتها وسكنى البائع بداره، وهو أن يؤجرها المشتري الأجنبي ويؤجرها ذلك الأجنبي للبائع في هذه الحيلة جرى على غير الصحيح في مسألتين: إحداهما إجارة العقار قبل قبضه، وقد قيل هو على الحظر الجاري في بيعه قبل قبضه، وقد قيل إنه لا يجوز بلا خلاف وهو الصحيح - وهذا قياسًا كما قاله الأتقاني وهو قول محمد وزفر والشافعي، وأجازه الإمامان أبو حنيفة وأبو يوسف استحسانًا - وذكره الزيلعي في فصل التصرف في المبيع والثمن قبل القبض. انظر الزيلعي. حاشية شلبي: ٤/٧٩ - ٨٠؛ والثانية الإجارة من المالك بتوسط ثالث وهو غير جائز أيضًا على الصحيح المفتى به كما في البزازية - ذكر الجواز أبو علي النسفي عن أستاذه. وقال الحلواني: وروي عن محمد أن الإجارة من المالك لا تجوز مطلقًا تخلل الثالث أولًا وبه عامة المشائخ وهو الصحيح وعليه الفتوى. البزازية الهندية: ٥/٢٠ - إلا أن يقال ارتكب الضعيف في خصوص هذا المقام للضرورة وشدة الحاجة إلى ذلك. وقد ذكر الشيخ هذا لأن احتياج الناس للشيء وتعاملهم به أصلان كبيران في المذهب. محمد ابن الخوجة الأكبر. ج، ر. .


(١) ساقطة في ج.
(٢) انظره. ج؛ تقدم بيان ذلك عند الإشارة إلى ما يطلب من الفوائد في بيع الوفاء والعهدة.
(٣) قال في النسفية: (سئل عمن باع داره من آخر بثمن معلوم بيع الوفاء وتقابضا ثم استأجرها من المشتري مع شرائط صحة الإجارة وقبضها ومضت المدة هل يلزمه الأجر؟ قال: لا كذا في التاتارخانية) . الهندية: ٣/٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>