للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مطالبة المشتري للبائع بثمنه في غير بلده، أو بعد غصب المبيع من يده، فالمسألتان في الحكم متعاكستان، إذ تثبت له المطالبة في الأولى، وتنتفي في الثانية على ما ذكره في الفصول من قوله في الأولى نقلًا عن جده: (وسئل رحمه الله إذا أخذ (١) البائع المشتري في البيع الجائز في بلد آخر (٢) وقد طلب الثمن بعد الفسخ، هل له ذلك؟

(للمشتري مطالبة البائع بالثمن في غير بلده) أجاب رحمه الله: له ذلك قياسًا على مسألة الرهن إذا كان له حمل ومؤنة وأخذه في بلد آخر له أن يطالبه بدينه (٣) .

وقوله في الثانية واقعة الفتوى: (رجل باع داره بيعًا جائزًا ثم إن رجلًا آخر غصب الدار من يد المشتري شراء جائزًا، (ليس له طلب مال الوفاء والمبيع في يد غاصبه) والمشتري لا يقدر على استرداد الدار من يد الغاصب [هل للمشتري أن يطالب بائعه بمال الوفاء قبل فسخ البيع واسترداد المبيع من يد الغاصب] ، فعلى (٤) قياس مسألة (غصب) المرهون ينبغي أن لا يملك المطالبة بمال الوفاء بل أولى لما ذكرنا (أن) ههنا مال الوفاء ليس بثابت في ذمة البائع ما دام البيع قائمًا) (٥) .

ويظهر لي أنهما لو تفاسخا الوفاء فنفي مطالبة المشتري البائع بالثمن ما دام المبيع مغصوبًا على حالها لأن قصارى هذا الفسخ أن يصير به مال الوفاء ثابتًا بذمة البائع.

وقد سمعت في الرهن الذي الدين فيه ثابت مع قيام عقده

[٤٢٦] عدم مطالبة المرتهن الراهن بالدين ما دام المرهون مغصوبًا. وهذا لأن قبض الرهن، على ما صرحوا به، قبض استيفاء، فيصير به المرتهن مستوفيًا دينه حكمًا. وفي الاستيفاء الحقيقي لا يملك المطالبة، فكذلك في الحكمي، وقد بلغك غير مرة أن الوفاء له حكم الرهن في غير انتفاع المشتري بالمبيع، وهذا من ذلك الغير.


(١) أي طلبه. ب.
(٢) ط. غير الذي وقع فيه العقد. ب.
(٣) العمادية: ١٠٦ أ؛ الجامع: ١/٢٤٢.
(٤) ففي بدل فعلى. العمادية.
(٥) العمادية: ١٠٨ أ؛ الجامع: ١/٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>