للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرفه غربنا الإسلامي منذ قرون فتحدثت عنه كتب الفقه المالكي باسم بيع الثنيا فقد عرض له ابن رشد الجد وابن عرفة وابن عاصم وغيرهم ممن سنعرض لأنظارهم، ثم تعورف بقطرنا بيع الوفاء تحت اسم الرهن كما ذكر شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بيرم الثاني - رحمه الله تعالى - وأكبر الظن أنه عرف منذ دخل الأتراك تونس ومعهم المذهب النعماني وقد انضاف إليه من تحيل الناس ما انضاف، وتحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، ودخلت هذه المعاملات القوانين إلى أن جاء الأمر المؤرخ في ٢٨ شوال ١٣٢٤هـ الموافق لـ ١٥ ديسمبر ١٩٠٦م بجمع النصوص المتعلقة بالالتزامات والعقود في مجلة تعرف بمجلة الالتزامات والعقود فجاءت في الباب الثالث في بعض من أنواع البيوع وفي القسم الأول منه تحت عنوان بيع الثنيا من الفصل ٦٨٤ إلى الفصل ٦٩٩ وصورته أن يلتزم المشتري بعد إتمام البيع بأن يرد المبيع لبائعه عندما يرد له ثمنه، وبشكل أوضح أنهم يعقدونه بلفظ البيع خاليًا عن اقترانه بشرط الرد فيه، ثم يتفقان على رد المشتري للبائع عند رده الثمن إما مطلقًا أو إلى أجل معين على وجه الوعد ويعبر عنه الموثقون بالتطوع بالثنيا أو الشرط الصريح في وجهي الإطلاق والتأجيل وطفق شعبنا التونسي يتعامل بهذا الضرب من البياعات إلى أن صدر القانون عدد ١ لسنة ١٩٥٨ المؤرخ في ٢٨ جانفي ١٩٥٨ في تحجير التعامل ببيع الثنيا وبيع السلم ورهن الانتفاع بالرائد الرسمي المؤرخ في ٣١ جانفي ١٩٥٨ كما أبطلته القوانين المدنية في مصر حسب المادة ٤٦٥ من القانون المدني الجديد، وسورية في المادة ٤٣٣ من القانون المدني السوري في الفقرتين ٢٤٦ و ٢٥٣، وليبيا في المادة ٤٥٤، وأبقى القانون المغربي ما تعورف في الغرب الإسلامي المالكي حسبما جاء في قانون الالتزامات والعقود المغربي في الباب الثالث، وفي الفرع الأول منه تحت عنوان: بيع الثنيا وصورته كما جاء في المادة ٥٨٥ بيع الثنيا هو الذي يلتزم المشتري بمقتضاه بعد تمام انعقاده بأن يرجع المبيع للبائع في مقابل رد الثمن، وتوسط القانون المدني العراقي في المادة ١٣٣٣ فجعل بيع الوفاء رهنًا حيازيًّا.

وبعد هذا التمهيد أسارع إلى الكلام عن المباحث فأقول ومن الله أستمد العون على بلوغ المأمول.

<<  <  ج: ص:  >  >>