ونقل ابن عبد الغفور أن بيع الثنيا إذا وقع في الصفقة مردود أبدًا فات أو لم يفت لأنه حرام وهو باب من أبواب الربا ترد فيه البياعات والصدقات والأحباس فإن وقع إلى أجل كان فيه الكراء لأنه كالرهن وبه كان يفتي ابن وهب. قال يحيى بن يحيى: وإن كان إلى غير أجل كان فيه الكراء أيضًا إذ كأنه قال له: انتفع به حتى أرد عليك مالك وقاله ابن الماجشون والعتبي وفي المجالس (للمكناسي) : إذا لم يقبضه المبتاع وترك عند البائع فهو كالرهن إذا لم يقبض وهو أسوة الغرماء، وإن قبض وأخر فذلك فسخ، وبيع في الحق إن لم يكن معه ما يؤدي منه وهو قول شيوخ الفتيا عندهم.
وذهب كثير من خيار العلماء من أصحاب مالك وغيرهم أن بيع الثنيا إذا وقع إلى أجل فلا كراء فيه.
وقول مالك: أنه لا كراء فيه كان لأجل أو غير أجل لأنه بيع فاسد ((عندهما)) (١)
وقول ابن عاصم:(والخرج بالضمان للمبتاع) ظاهره ضرب لذلك أجل أم لا؟ لا يرد إلى المشتري الغلة التي حدثت عنده، ولا كراء عليه في مقابل الانتفاع بالمبيع لأنه بيع فاسد ينتقل ضمانه بالقبض ومن عليه الضمان فله الغلة. لكن إذا اشترى حائطًا مشجرًا نخيلًا مثلًا وفيه ثمار مأبورة يوم الشراء فإنها ليست بغلة لأن لها حصة من الثمن فيلزم ردها مع المبيع إن كانت قائمة ورد مثلها أو قيمتها إن جهلت أو جذت رطبًا.
ومحل فوز المشتري بالثمرة يحصل بالزهو وهو ظهور الحمرة والصفرة في النخل وإن ظهر ذلك في نخلة واحدة من نخل كثير على المقرر في مذهب إمام دار الهجرة في ظفر المبتاع بالغلة في البيع الفاسد. وإذا طاب فمن باب أولى وأحرى.
وهذا الذي ذهب إليه ابن عاصم هو قول مالك وابن القاسم وعليه أكثر المالكية وهو الذي عليه القضاء في عصره كما ذكر ذلك المتيطي من فقهاء المالكية في عصر ابن عاصم.
(١) راجع الفائق في معرفة الأحكام والوثائق، لابن راشد القفصي: ٢/١٧١، وهما من نسخة مصورة على نسخة الصادقية من مكاتب جامع الزيتونة ضمت مخطوطاتها إلى دار الكتب الوطنية. وعرض ابن عاصم في رجزه الموسوم بتحفة الحكام إلى بيع الثنيا وحكمه على القول الذي جرى به العمل في عصره فقال: والبيع بالثنيا لفسخ داع والخرج بالضمان للمبتاع ولا كراء فيه هبه لأجل أولا وذا به جرى العمل والشرح للثنيا رجوع ملك من باع إليه عند إحضار الثمن