المسألة الأول - حكم بيع الثنيا:
((الثنيا)) : خيار في الحقيقة إلا أنه شرط فيه النقد، وشرط فيه أنه متى أتاه بالثمن فمبيعه مردود عليه. وهذا المعنى هو الذي خصه الأكثر بالثنيا وإن كان ابن رشد عممه في جميع الشروط المنافية للمقصود.
والبيع بشرط الثنيا في صلب العقد كأن يقول زيد لعمرو: أبيعك أرضي هذه على أني متى جئت بالثمن فهي مردودة علي غير جائز.
وتعليل منعه فيما رواه سحنون عن ابن القاسم أن ذلك غير جائز لأنه بيع وسلف، ونص الأم في بيوع الآجال هو التالي: (قلت) : أرأيت لو أن رجلًا اشترى جارية على أن البائع متى جاء بالثمن فهو أحق بالجارية أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: لا. (قلت) : لم؟ قال: لأن هذا يصير كأنه بيع وسلف.
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن باع أرضًا على أنه متى ما جاء بالثمن فهي مردودة عليه أنه بيع فاسد يردان فيه إلى القيمة إن كانت قد فاتت ببناء أو هدم أو غرس قال مالك - رضي الله عنه -: وبيع المشتري إياها يفوتها. قال ابن القاسم: وطول الزمن في ذلك ليس بفوت عندي، وكذلك اختلاف الأسواق.
وقيد أصبغ قول ابن القاسم: بأن لا يطول الزمن مثل عشرة أعوام وشبهها، فإنه لا بد أن تتغير ببعض وجوه البلاد وغيره فأراه فوتًا وإن كانت قائمة ...
وقال سحنون: هو سلف جر منفعة، قال سحنون: فإن وقع البيع على هذه الصفة فهل يكون كالرهن؟ أو كالبيع الفاسد؟
قال:
(أ) إن ضربا لذلك أجلًا فالمنصوص لمالك وأصحابه أنه كالبيع الفاسد، وقال أبو الحسن بن القابسي وأبو القاسم بن الكاتب: يضمن ضمان الرهان ونحوه لابن حبيب وسبب الخلاف هو:
١- الالتفات للبيع ومضمنه أنه لم يأت بالثمن.
٢- الالتفات إلى كونها محبوسة في الأجل الثاني.
فمن التفت إلى الأول أجراه مجرى البيع الفاسد، ومن التفت إلى الثاني أجراه مجرى الرهان.
(ب) وإن لم يضربا لذلك أجلًا فحكمه حكم البيع الفاسد.
(ج) نقل كثر من الأشياخ عن أبي الحسن بن القابسي أنه كالرهن من غير تفرقة بين ضرب أجل وعدمه.