للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل التسولي عن المجاصي في نوازله أنه سئل في هذه المسألة فأجاب: قد تكرر جواب بعد جواب غير ما مرة ولا أدري ما هذا ورأيي فيها تابع لرأي بعض شيوخنا رحمهم الله وأنه متى ثبت رسم الإقالة ولو بصورة التطوع فهو محمول على أنه شرط في نفس العقد، وقول المتيطي: ما لم يقل: ولا ثنيا ولا خيار ... إلخ ذلك عرف وقته إذ لا تعرف عامة زماننا الثنيا بل يسمونه بيعًا وإقالة، والشهود يجرون المساطير من غير تحقيق لمعنى ما يكتبون (١) . قال ميارة في شرحه على تحفة ابن عاصم: (وهذه المسألة مما يغلب فيها الفساد مع يمينه ... ومما يدل على الدخول على الفساد كون البيع يقع بأقل من القيمة بكثير مما يتحققه المتبايعان ولولا الدخول على ذلك واعتقاد البائع أن ذلك بيد المشتري كالرهن ما رضي البائع بذلك الثمن ولا بما يقرب منه) . كما نبه هنا إلى أن الموثقين يكتبون الوثيقة على المسطرة الجارية من غير تعرض لفهم بعض فصولها، هذا في الكاتب فما بالك في العامي الذي يشهد عليه على أن العامة عندنا اليوم لا يعرفون معنى الثنيا وإنما يسمون ذلك البيع والإقالة (٢) وقد قال أبو محمد صالح وهو الذي في زمنه يمثل به العدل المبرز: إذا كتب الموثق طاع فقد عصى (٣) .

وإذا وجب جمل ما يبرم من عقود بيع الثنيا على الرهن جرى في ذلك على أحكام بيوع الرهان من إباحة بيعه بيد المرتهن بشروطه وعدم إضرار السكوت عنه السنين الطويلة مراعاة لحاضر البشر وشيوع الفساد فيه والله لا يحب الفساد لكن لا بد من التنبيه على أن القول لمدعي الشرط والفساد محله إذا لم يشهد في عقد الطوع بالثنيا بإسقاط دعوى الفساد وإلا فلا التفات لدعواه لأنه قد كذبها وكذلك محله أيضًا إذا لم يبعد ما بين التطوع بها وبين البيع كالأربعة الأشهر ونحوها وإلا فينبغي حملها على التطوع حقيقة إذا كان الثمن يساوي قيمة المبيع أو ما يقرب منها.

وجرى الخلاف بين فقهاء المالكية فيمن باع عقارًا أو غيره وطلب من المشتري الإقالة فأبدى له المشتري خوفه من بيعه لغيره عندما يقيله، فقال له البائع الطالب للإقالة: إن بعته غيرك فهو لك بالثمن الأول أو بالثمن الذي يساويه عند بيعه فأقاله المشتري على هذا الشرط، فباعها المقال فأراد المقيل فسخ هذا البيع والأخذ بشرطه فهل له ذلك؟.


(١) البهجة في شرح التحفة: ٢/٦٧.
(٢) الإتقان والأحكام في شرح تحفة الحكام، دار الفكر بيروت.
(٣) التاودي: حلي المعاصم لبنت فكر ابن عاصم: ٢/٦٦، بهامش شرح البهجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>