للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سئل الإمام المازري عن هذه المسألة فأجاب: اختلف المذهب في المشتري إذا أقال البائع من أرضه، واشترط عليه في الإقالة أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن الأول هل للمشتري شرطه متى وقع. أو لا يكون له شرط، والإقالة فاسدة والبيع فوت لها؟.

ففي العتبية: إثبات الشرط للمقيل عند حدوث البيع في الإقالة لأنها معروف، والمشهور من المذهب فسادها لما في ذلك من التحجير، وهي بيع من البيوع، فإن نزلت فسخت الإقالة، وإن طال ذلك وفاتت الأرض بالبيع مضى البيع وفاتت الإقالة به لأنه صحيح (١) .

وقرر التسولي المسألة على الوجه التالي: إن باع عقب الإقالة أو بالقرب منها فالبائع على شرطه، وإن باع بعد طول أو لوجود داع من الدواعي إلى البيع مضى البيع. وبتقرير المسألة على هذا الوجه احتج خليل في شرحه على جامع الأمهات الموسوم بالتوضيح على أن المرأة إذا وضعت شيئًا من صداقها خوف طلاقها فإن طلقها بالقرب رجعت بما وضعت وإلا فلا كمن باع عقب الإقالة ... إلخ ومثل قول خليل لابن عبد السلام، والمتعارف أنه لا يقع الاحتجاج بالمختلف فيه فكأن خليلًا وابن عبد السلام نزلا القول بالمنع وهو الذي شهره الإمام المازري - منزلة العدم ولو كان مشهورًا ما صح لهما الاحتجاج.

والقول الذي نقله المازري عن العتبية ولم يشهره هو الذي في سماع محمد بن خالد ومثله لسحنون في سماعه عن ابن القاسم أيضًا، وأنه قول مالك في سماع أشهب وابن القاسم أيضًا مستدلًّا على جواز الإقالة المذكورة بمسألة الوضيعة للطلاق، وصحح استدلاله ابن رشد، ومجموع ما ذكرته يدل على رجحانيته ولذلك اقتصر عليه ابن عاصم في تحفة الحكام في مسائل التداعي والأحكام (٢) . في باب الإقالة فقال:

ومشتر أقال مهما اشترطا

أخذ المبيع إن بيع تغبطا

بالثمن الأول فهو جائز

والمشتري به المبيع جائز

(٣)

كما اقتصر عليه غير واحد من الموثقين ولا يخفى أن الاقتصار من طرف الفقهاء الأثبات من أمارات التشهير.


(١) أحمد الونشريسي: المعيار المعرب: ٦/١٠٢، ١٠٣، طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٤٠١هـ - ١٩٨١م.
(٢) تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام: ص٩٢.
(٣) متن العاصمية: مطبعة مصطفى محمد صاحب المكتبة التجارية الكبرى بمصر بدون تاريخ: ص٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>