للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الخامس

بيع الأمانة عند الحنابلة

المقرر عند الحنابلة منعه قال منصور بن يونس البهوتي في كتابه كشاف القناع عن متن الإقناع: بيع الأمانة وهو الذي مضمونه اتفاق البائع مع المشتري على أنه متى جاءه بالثمن أعاد إليه ما اشتراه منه.

وهو عقد باطل بكل حال إذ المقصود منه إنما هو الربا بإعطاء دراهم إلى أجل، ومنفعة الدار أو نحوها هي الربح فهو في المعنى قرض بعوض.

والواجب رد المبيع إلى البائع، ورد البائع إلى المشتري ما قبضه منه كما يرد المشتري ما قبضه أجرة للدار وإن كان هو الذي سكن فيها حسب عليه أجرة المثل فتحصل المقاصة بقدر أجرة المثل ويرد الفضل (١) .

وسئل العلامة ابن تيمية عن رجل باع زوجته دارًا بيع أمانة بأربعمائة درهم وقد استوفت الدراهم من الأجرة، فهل يجوز لها أخذ شيء آخر وقد أخذت الأربعمائة فهل يحرم عليها؟.

فأجاب: الحمد لله وحده المقصود بهذا وأمثاله أن يعطيه المال ويستغل العقار عن منفعة المال فما دام المال في ذمة الآخذ فإنه يستغل العقار، وإذا رد عليه المال أخذ العقار، وهذا على هذا الوجه لا يجوز باتفاق المسلمين، وإن قصد ذلك وأظهر صورة بيع لم يجز على أصح قولي العلماء أيضًا، ومن صحح ذلك فلا أرى أن يكون بيعه شرعيًّا فإذا شرط أنه إذا جاء بالثمن أعاد إليه العقار كان هذا بيعًا باطلًا، والشرط المتقدم على العقد كالمقارن له في أصح قولي العلماء.

وحينئذ فما حصل للمرأة من الأجرة بعد أن علمت التحريم تحسبه من رأس المال وما قبضته قبل ذلك فهو على الخلاف المذكور.

وإن اصطلحا على ذلك فهو أحسن، وما قبضته بعقد مختلف تعتقد صحته لم يجب عليها رده في أصح القولين (٢) .


(١) ٣/١٤٩، ١٥٠، طبعة عالم الكتب، بيروت ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣م.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٩/٣٩٥، مكتبة المعارف، الرباط المغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>