للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا - مذهب الحنابلة:

جاء في كشاف القناع: بيع الأمانة هو الذي مضمونه اتفاقهما أي البائع والمشتري على أن البائع إن جاء بالثمن أعاد المشترى إليه ملكه ذلك ينتفع أي بالملك المبيع المشتري بالإجارة والسكنى ونحو ذلك كركوب ما يركبه أو حلبه وهو أي البيع عقد باطل بكل حادث. ومقصودهما إنما هو الربا بإعطاء دراهم إلى أجل ومنفعة الدار ونحوها هي الريع فهو في المعنى قرض بعوض. والواجب رد المبيع إلى البائع وأن يرد البائع إلى المشتري ما قبضه منه لكن يحسب للبائع في ما قبضه المشتري من المال الذي سموه أجرة وإن كان المشتري هو الذي سكن حسب عليه أجرة المثل فتحصل المقاصة بقدره (١) .

الأصل المستند إليه في التحليل أو المنع:

ذكر الأستاذ المحاسني في شرحه على المجلة: إن بيع الوفاء حدث اعتباره والقول به بين العصر الخامس والسادس في ديار بخارى، وقد جوز للاحتياج في تلك الديار التي تراكمت فيها الديون على أصحاب العقارات بدرجة كادت تذهب بها، وقد تعامل عليه أهل اليمن وسموه بيع الرجاء وكذلك أهل طرابلس الغرب وسمونه بيع الوعدة (٢) .

وقال ابن عابدين: جوز لحاجة الناس إليه بشرط سلامة البدلين لصاحبهما كما علل آخرون الجواز بأنه من قبيل المواعدة وأنه يلزم الوفاء بالوعد (٣) .

هذه وجهة من قال بالتحليل أما من قال بالمنع قال في البهجة واختلف في علة الفساد فعلله في بيوع الآجال منها بالبيع والسلف أبو الحسن معناه تارة يكون بيعًا وتارة يكون سلفًا أي لأنه خيار بشرط النقد، وجعلا مدته أكثر من مدة الخيار إن حداه بأجل أو لمدة مجهولة إن لم يحداه.

وعلله سحنون وابن الماجشون وغيرهما بأنه سلف جر نفعًا وبه عللت المدونة بنصها المنقول عند قوله (والثنيا) (٤) .

ثم قال فهو بيع فاسد يفسخ ولو أسقط الشرط على المذهب ... وعلى الثاني فهو رهن يفسخ أبدًا ولا يفوت بشيء بهدم ولا غيره ويرد المشتري فيه الغلة ولو طال الزمان (٥) . وقال في فتاويه الأنقروية: وذكر في فتاوى مشايخ سمرقند أن بيع الوفاء فاسد وأنه بيع بشرط (٦) . قال والصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهنًا ثم ينظر إن ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع، وإن لم يذكرا ذلك في البيع وتلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء أو تلفظا بالبيع الجائز وعندهما هذا البيع عبارة عن بيع غير لازم فكذلك (٧) ونحوه في الفتاوى الهندية وكذلك علل الشافعية من قال بفساده. قال في بغية المسترشدين: إذ لو وقع شرط العهدة المذكور في صلب العقد أو بعده في زمن الخيار أفسده فليتنبه لذلك (٨) .


(١) كشاف القناع: ٣/١٤٩، ١٥٠.
(٢) شرح المحاسني على المجلة: ص٣٣٣.
(٣) حاشية رد المحتار: ٥/٢٧٦، الفتاوى الهندية: ٣/٢٠٩، قلائد الخرائد: ١/٣١٧.
(٤) البهجة شرح التحفة: ٢/٦٠، ٦١.
(٥) البهجة شرح التحفة: ٢/٦٠، ٦١.
(٦) فتاوى الأنقروية، المجلد الأول ص٣٠٥.
(٧) الفتاوى الهندية: ٣/٢٠٩.
(٨) بغية المسترشدين: ص١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>